منظمة “الصوت اليهودي من أجل السلام”، وتسمى اختصارا “جيه في بي”، يقع مقرها في بيركلي بولاية كاليفورنيا، وهي حركة يهودية أميركية تهدف إلى تنظيم حركة شعبية بالتعاون مع المنظمات الفلسطينية وغيرها من المنظمات المناهضة للإمبريالية والمؤيدة للتحرير، لمحاربة الحركة الصهيونية ومواجهة الممارسات القمعية للاحتلال الإسرائيلي و”تحقيق العدالة والحرية والمساواة للفلسطينيين مع اليهود الإسرائيليين عبر تغيير السياسة الأميركية”، حسب ما تقول.
وتطالب الحركة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية، وتنادي بـ”تقرير المصير للفلسطينيين والإسرائيليين”، وإيجاد حل عادل على أساس المبادئ المنصوص عليها في القانون الدولي، وترفض أي تعصب أو قمع للمسلمين والعرب واليهود.
وتعرّف المنظمة نفسها بأنها “أكبر منظمة يهودية تقدمية مناهضة للصهيونية في العالم”، وحتى منتصف عام 2024 وصل عدد أعضائها ومؤيديها إلى 747 ألفا و803، موزعين بين 83 فرعا محليا، 12 منها تنشط في الجامعات، ونظمت آلاف الحملات الرقمية، ويبلغ متوسط التبرعات التي تتلقاها 60 دولارا.
النشأة والتأسيس
أنشأت ريبيكا فيلكوميرسون “الصوت اليهودي من أجل السلام” عام 1996 في سان فرانسيسكو، وبدأت منظمة حقوقية مدنية اقتصادية مكرسة لليهود والفلسطينيين وجميع شعوب الشرق الأوسط.
وافتتحت الحركة موقعها الإلكتروني في مايو/أيار 2018، وكان يضم طاقما من 26 فردا يديرون 50 فرعا في الولايات المتحدة الأميركية.
الفكر والأيديولوجيا
تعلن المنظمة عبر منصتها أنها تحارب القومية البيضاء والعنصرية ومعاداة السامية وكراهية الإسلام، وتنهض بالناشئين لتحقيق المساواة والنضال من أجل الكرامة والعدالة للجميع، وتقول إن لديها خطة لإنهاء الدعم الأميركي لإسرائيل في قمعها للفلسطينيين.
وتلخص المنظمة رؤيتها في أنها تعمل من أجل “عالم يعيش فيه جميع الناس من أميركا إلى فلسطين في حرية وعدالة ومساواة وكرامة” وعالم “يهدم فيه جدار الفصل العنصري في أرض فلسطين الحرة، وتخلو السجون الإسرائيلية وتُفكك، ويعود اللاجئون الفلسطينيون إلى أسرهم، ويبنون المدارس والمستشفيات ويزرعون شجر الزيتون”.
وتتخيل المنظمة الإسرائيليين وقد “تحرروا من العنف الذي مارسوه ضد الفلسطينيين واستعادوا إنسانيتهم وانضموا إلى الفلسطينيين لبناء مجتمع عادل متساو غير طبقي تسوده الكرامة لا الهيمنة، والديمقراطية لا التهجير، وتكون فيه كل حياة ثمينة”.
وتقسم الحركة قيمها الأساسية إلى 3 أقسام:
الأول: “مسؤوليتها تجاه الفلسطينيين” عبر الأمور التالية:
- الاستماع والإنصات وبناء علاقات مستمرة مع الفلسطينيين.
- البناء والحفاظ على علاقة وثيقة مع القيادة الفلسطينية المحلية والوطنية والدولية التي تعمل من أجل الحرية والعدالة والمساواة للفلسطينيين.
- الحفاظ على علاقة مع شركائها من الحركات الأميركية التي تعمل للهدف نفسه وهو تحرير فلسطين ووقف أنظمة القمع في كل مكان.
- التعاون مع المنظمات والائتلافات الفلسطينية التي تمثل المجتمع الفلسطيني، والتي تتقاسم مع المنظمة القيم ذاتها.
- بناء حركة جماهيرية يهودية لمقاطعة الدعم الحكومي والمؤسسي الأميركي الذي يدعم الاستيطان الإسرائيلي والاحتلال والفصل العنصري.
- الانفتاح على الانتقادات الموجهة إلى المنظمة وأهدافها وأساليبها، وإبداء الاستعداد لتغيير أفعالها وتكتيكاتها وخططها.
الثاني: “واجبها تجاه المجتمعات اليهودية” عبر:
- الكفاح ضد الصهيونية ليس مجرد تضامن مع الفلسطينيين، بل هو التزام من المنظمة تجاه اليهود ومستقبلهم.
- استمداد القوة من رموز وأعلام وحركات يهودية سابقة، مثل يهود “اتحاد العمال الاشتراكيين في سالونيكا” (تأسس بعد ثورة تركيا الفتاة عام 1908)، ومقاتلي غيتو وارسو ضد ترحيل اليهود من ألمانيا، وحركة الفهود السود اليهودية الاحتجاجية، والمنظمات العمالية، وكل المحاربين القدامى الذين حاربوا من أجل تحرير اليهود والناس جميعا.
- تفكيك معاداة السامية عبر نبذ كل أشكال القمع والتعصب.
- رفض تهديد أمن المجتمعات اليهودية والدعوة لمحاسبة الحكومة الإسرائيلية عما ترتكبه من فظائع ضد الفلسطينيين، فلا توجد “حرية على أرض مسروقة، ولا أمان حقيقيا باستمرار الفصل والقمع”.
- النضال من أجل مستقبل مختلف للإسرائيليين ومن أجل الأمان الحقيقي.
- الالتزام بالتعامل مع “آلام الغربة التي نتجت من دعم الحرية للفلسطينيين” بسبب النبذ الذي تتعرض له المنظمة من المؤسسات الصهيونية التي تجعل توارث الإرث الصهيوني ثمنا لدخول مؤسساتها.
- اعتبار “الصهيونية حلا زائفا لبناء الانتماء وتحقيق السلامة”.
الثالث “تحقيق العدالة العرقية والتحرر الجماعي” عبر:
- تفكيك العنصرية خارج المنظمة وداخلها، وتنمية ثقافة تحررية فيها.
- تحرير فلسطين يتم عبر مكافحة العنصرية لبناء عالم يعيش فيه الجميع بـ”كرامة وقوة وحب وعدالة”.
- “بناء وطن سياسي مترابط متكامل ينتمي إليه جميع اليهود الذين ينادون من أجل النضال لتحرير فلسطين“.
- بناء وطن يشعر فيه جميع السكان الأصليين إلى جانب السود واللاتينيين والآسيويين والأفريقيين واليهود وغيرهم بالترحيب والانتماء والتكامل، ويسمح للبيض بمناهضة العنصرية.
- بناء مستقبل يهودي يتجاوز القومية ونظرية تفوّق العرق الأبيض والصهيونية.
- مكافحة التمييز والتهميش في مكان العمل وداخل التنظيم ومع الشراكات الخارجية.
أبرز الحملات:
- حملة “نحن نتخلى“
انطلقت عام 2010 حتى 2013، وشارك فيها أكثر من 20 ألف مساهم، من أساتذة جامعات وطلبة وعاملين في مجال الصحة إضافة إلى نشطاء، وطالبوا فيها أحد صناديق التقاعد في أميركا بالتخلي عن استثمارات في شركتي “كاتربيلر” و”فيوليا”، ووقف التربح من انتهاكات حقوق الفلسطينيين.
واعتبرت الحملة أن الاستثمار في الشركات التي تستفيد من الاحتلال الإسرائيلي أمر لا أخلاقي وغير مسؤول.
- حملة سحب الاستثمارات من “جي 4 إس“
انطلقت من فرع التنظيم الموجود في كارولينا الشمالية عام 2016، وشارك فيه طلبة وناشطون، إضافة إلى جماعات دينية وحقوقية واجتماعية، وطالبوا فيها بوقف التعامل مع الشركة الأمنية “جي 4 إس” التي اتهمتها المنظمة بالتواطؤ لإدامة الظلم في أميركا وفلسطين، وكانت مقاطعة دورهام أول بلدية توقف تعاملها مع الشركة.
- قانون “التوعية بمعاداة السامية“
حاول الكونغرس الأميركي تمرير قانون “التوعية بمعاداة السامية” عام 2016 من أجل مكافحة معاداة السامية، لكنه في الحقيقة كان يستهدف الانتقادات السياسية في الجامعات كما تقول المنظمة، لكن القانون ورغم تمريره من مجلس الشيوخ توقف في مجلس النواب بعد الضغط الشعبي ضده.
- أطلِقوا سراح نادين
عام 2018 قضت محكمة الصلح الإسرائيلية بسجن نادين طاطور لمدة 5 أشهر بتهمة “التحريض” بعد نشرها قصيدة “قاوم يا شعبي قاوم”، وقضت عامين في السجن تحت الإقامة الجبرية، فأطلقت المنظمة حملة مع “عدالة-نيويورك”، وحشدت الآلاف للمطالبة بإطلاق سراح الشاعرة.
- حملة لمقاطعة رحلات “بيرث لايت“
انطلقت الحملة عام 2017 لمقاطعة الرحلات الممولة المجانية التي أطلقتها إسرائيل من أجل تعريف اليهود حول العالم بالأراضي المحتلة ومرتفعات الجولان و”تعزيز الهوية الشخصية اليهودية”.
وشارك في الحملة طلبة نادوا بمقاطعة الرحلات للطلبة اليهود، في وقت كان فيه الطلبة الفلسطينيون ممنوعين من العودة إلى منازلهم، مما نتج عنه انخفاض معدل تسجيل الطلبة اليهود الأميركيين في هذه الرحلات بنسبة 40% عام 2023.
انطلقت الحملة عام 2020 بالتعاون بين منظمة “الصوت اليهودي من أجل السلام” وحركة “إم باور تشينج” التي يقوم عليها مسلمون، وتسعى إلى بناء مستقبل خال من الإسلاموفوبيا ونظرية تفوّق العرق الأبيض.
وشارك في الحملة المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي وعشرات المنظمات الأخرى من أجل منع فيسبوك من اعتبار كلمة “الصهيوني” معاداة للسامية، ولوقف محاولة إسكات الفلسطينيين والعالم في منصات التواصل الاجتماعي.
استطاعت المنظمة عام 2020 بالتعاون مع “إم باور” وحركة “بعضنا” و”لجنة خدمة الأصدقاء الأميركية” جمع نحو 70 ألف توقيع للاعتراض على جعل مايكروسوفت تسحب استثماراتها من شركة “أني فيجن” الإسرائيلية المختصة بالتعرف على الوجوه، والتي تستعمل التكنولوجيا لمراقبة الفلسطينيين في الضفة الغربية.
- “أوقفوا تسليح إسرائيل“
نظم ناشطون في المنظمة احتجاجا يوم 24 يوليو/تموز 2024 ضد الدعم العسكري الأميركي لإسرائيل داخل مبنى الكونغرس، وارتدوا أقمصة حمراء كتب عليها “ليس باسمنا” و”اليهود يقولون: أوقفوا تسليح إسرائيل”.
وطالب المحتجون بوقف إطلاق النار في غزة، واعتقلت الشرطة الأميركية أكثر من 250 متظاهرا من بين 400 شاركوا في الاحتجاج، وقالت إن التظاهر داخل الكونغرس مخالف للقانون.