أجرى المقابلة مع د. ساعود جمال ساعود من قبل وكالة سبوتنيك الروسية الدولية – الصحفي الدكتور: راجي شاهين.. فيما يلي النص كاملاً
السؤال الأول: ماذا تعلق على : تصريح غالانت : ” أن حزب الله لم يتبق له سوى 20% من صواريخه مؤكدًا أن إيران تدرك أن الحزب لم يعد قادرًا على الرد على الضربات الإسرائيلية ”
الجواب: من الجدير بالمراقبين التركيز على توقية إطلاق هذه الرصاصة الإعلامية التي تصيب من وثق للمعلومات الإستخباراتية الإسرائيلية وركن إليها، اسرائيلي اليوم تستمر بحربها الهجينية ضد حزب الله والتي تقرن بها البعد العسكري مع البعد النفسي، في ظل فترة دقيقة ينتقل بها حزب الله لأمين عام ثان، لذا تصريحه مدروس ولكن له أبعاد كثيرة: أولها: تقوية عزيمة جنوده لإستمرار، ثانيها رسالة لحزب الله أنهم مستمرون بحربهم ولن تتوقف حتى استنزافهم، ثالثاً: تكشف عن خطورة الفخ الإسرائيلي في الجنوب فقد يكون فشلهم بالإجتياح مقصوداً بغرض التعرف على استراتيجيات حزب الله في التصدي لهم وهدر طاقته الصاروخي، ومع هذا وذلك للأسف لا يمكن الإستها بقدرات اسرائيل الإستخباراتية، ولكن السؤال هنا: مالذي جعلهم يتحدثون عن الترسانة العسكرية؟ يكمن الجواب بعد شروعهم بتطبيق استراتيجية ” تقطيع الأوصال” أي بتر روافد التغذية العسكرية للحزب ومن هنا كان استهداف معبر جوسية الحدودي بين لبنان وسورية، واستهداف اسرائيل لمستودع الصواريخ البحرية وفق بياناته، لتيقى ترسانة الحزب رهينة ما تم تخزينه سابقاً من معدات عسكرية متنوعة بما فيها الاستراتيجية، طبعاً الإعتقاد الاسرائيلي كنوع من الحسابات التكتيكية صحيح وخاطء بالوقت ذاته، فهم لم يحط إلا بالطرق التقليدية لإمدادات الأسلحة، ولكن الحسابات الإستراتيجية تقول: إن حزب الله حين يصل لدرجو نفاذ الأسلحو كما يزعم غالانت، فسيواجه من سماهم السيد نصر الله سلاطين البر والبحر، وهي نقطة حرجة لن تقف سورية وإيران متفرجه عندها. بالمجمل ترسانة حزب الله مجهولة الحجم والنوعية ونوافذ إمدادها.
السؤال الثاني : تعليقاً على قول غالانت أن إيران باتت تدرك أن حزب الله لم يعد قادرا على الرد على الهجمات التي يتلقاها، هذا التصريح يحمل مضامين خطيرة بموجب الإعتقاد الإسرائيلي، ويعني انها مستمرة بحربها ولن يكون هنالك أي وقف للقتال، كما أن غالنت يتجاهل أن حالة الاستنزاف التي تمر بها الأطراف كافة ليست من مصلحة أحد، هو يتجاهل أعداد حقيقة: للمرة الأولى في تاريخ ” اسرائيل ” ما يفوق ال 200 اسرائيلي أسيراً ،، وأكثر من 11000 قتيل بين جبدي وضابط و980 جرح، والملايين تهرع إلى الملاجىء مع كل صفارة انذار تدوي، أعتقد في علم “الحساب السياسي” ليس من مصلحة اسرائيل المضي بحربها، ولكنها تراهن على إنجازاتها ضد حماس وحزب الله خاصة بعد أغتيال القادة وضرباتها الاستخباراتية والعسكرية واستغلال استهداف المدنيين والماضدة الدولية لها والخنوع القاتل للصف العربي، وعدم أقحام إيران ذاتها بالمعركة مباشرة وجها لوجه لما له من مغبات استراتيجية على الشرق الأوسط.
السؤال الثالث: كيف سينعكس تعيين نعيم قاسم على العمل المقاوم؟
حزب الله لا يعيد الإنطلاق بمعنى الهيكلة والتأسيس بل هو مستمر كما كان، هنا نفرق بيت ثلاث جوانب: أولها لحزب الله بنية هيكلية تنظيمية قوية ومتماسكة الهيئات، ثانيها الدور العملياتي لحزب الله كقاعدة متقدمة لدول المحور مستمرة، الجسد العقائدي الايديولوجي لم يتغير بل اذاد رسوخاً، بالمحصلة تعيين الشيخ نعيم قاسم مستقل عن العمل المقاوم الذي كان مستمراً أثناء ساعات إعلان استشهاد سماحة السيد حسن نصر الله، بل أصبح هنالك دوافع وروافد أخرى سياسية وعقائدية تعمل كـ حشوة دافعة نحو المزيد من العمل المقاوم، وبطبيعة الحال بالمفهوم الفيزيائي البحث حالة العمل المقاوم موجودة مستمرة لطالما التهديد موجود مستمر، فعالمعادلة ترتسم كما يلي كلما استمر التهديد والإعتداء الإسائيلي فالعمل المقاوم سوف يستمر بواسطة القيادات والكوادر والأدوات والاستراتيجيات ذاتها التي تتكفل متغيرات الميدان عسكرياً ومتغيرات الواقع الأقليمي والدولي بتطويرها وتحديثها على يد الشيخ نعيم قاسم، بالمناسبة الشيخ قاسم ليس وحيد هناك مجلس خبراء مصغر داخل الحزي يعاضده المرجعية الدينية والسياسية لجهات نعلمها جيداً. بإعتقادي:”هناك أشباح وأرواح عظيمة ترافق السيد نعيم قاسم”.
السؤال الثالث: هل من تغييرات في استراتيجيات الدفاع والعمل المقاوم؟
لنعلم جيداً أن استراتيجيات حزب الله في الدفاع والهجوم تتحد بموجت تقييم قيادة حزب الله ورؤيته الخاصة لثلاث متغيرات، أولها متغيرات الميدان بما فيها من تصعيد اسرائيل العسكري وتوسيع نطاق استهدافاتها وتزايد تهديداتها للعمق اللبناني وللخلفية الداعمة لحزب الله، مثلاً حزب الله يستهدف مستوطنات العدو الاسرائيلي في الجولان السوري المحتل هذا محمل بالدلالات. ثانيها: متغيرات الوسط الأقليمي منها الجنوح لتسوية سياسية ووقف صادق لإطلاق النار وهذا ما لا يوجد، وثالثها: المتغير الدولي: حيث يتزايد الدعم الأمريكي الأوربي لإسرائيل سياسيا وعسكرياً رأينا
استهداف إيران تم من أجواء القواعد الأمريكية في العراق، بالنتيجة إن هذه المتغيرات الثلاث تتطلب تغييراً مستمراً لاستراتيجيات حزب الله السياسية والعسكرية، ودليل هذا المنطق أن الشيخ نعيم قاسم الذي تراهن اسرائيل أنه ليس بحزم السيد نصر الله، دشن منذ فترة استراتيجية “إيلام العدو” فهو عراب هذه الاستراتيجية وللمرة الأولى رأينا استهداف منزل نتنياهو ومن ثم توجيه انذار ل 25 مستوطنة اسرائيلية بالأخلاء، وتزايد أمد صواريخ حزب الله، هذه دلائل أن ممارسات اسرائيل في الميدان تبرز بوصفها المحدد الأساسي لتطوير الاستراتيجيات، ولما كان تصاعد الصراع أمرا واردا منذ البداية، فنستطيع القول أن استراتيجيات كل مرحله يبلغها التصعيد موضوعه منذ أيام السيد نصر الله، ودليل أن الشيخ نعيم قاسم يخطابه الأخير أكد أنهم سيتابعون ما وضعه السيد نصر الله وينفذونه ، فهو منفذ وقائد ومطور والعبئ ثقيل.
السؤال الرابع: اختلافات استراتيجية بين القادة الثلاث حسن نصر الله نعيم قاسم؟
هاشم صفي الدين هو ربيع المقاومة القصير، لم تتضح معالم ما وضعه من استراتيجيات، أما السيد نصر الله اتبع سياسية “التدرج الإستراتيجي” فقد أدرك أن المعركة طويلة الأمد والعدو مستمر بعدوانه ومزخر بأعتى الأسلحة والتكنولوجيا، لذا اتبع التدرج باستخدام المخزون العسكري وإظهار نوعيات الأسلحة، والتكتيكات المتبعة، والنبرة السياسية، وكانت قواعد الأشتباك عنده واضحه مقابل خرقها من قبل الاسرائيلي عبر استهداف المدنيين، بالنسبة للشيخ نعيم قاسم الواقع المستجد المفروض عقب أغتيال القادة واستهداف سلاسل توريد الأسلحة والتصعيد الإسرائيلي، وضعه أمام واقع ومتطلبات “التساير في سبيل حفظ التوازن” فمن هنا اتبع استراتيجة إيلام العدو التي أتخذت أشكال المعاملة بالمثل استهدافاً وتأثيراً وأحيانا استباقاً ومفاجأت التكتيك وضبط ايقاع الميدن عبر افشال الخرق البري للجنوب.
السؤال الخامس: ما هي أركان قوة حزب الله؟
هنا الغرق بتفاصيل الأسلحة تحليل خاطئ، فنقاط قوته بحاضنته الشعبية التي لا تقتصر على الجغرافيا اللبنانية بل متمددة وإنسيابية، والنقطة الهامة هي إنقضاض” اللحظة الحرجة” هي تدخل داعيميه في لحظة تفاقم الأحداث هي نقطة يخطى الكيان في تقديرها، ما تزال الحالة بعيدة عنها لطالما حزب الله متوازن لغاية الان… يجب التمييز هنا بين القدرة العسكرية ومستواها، حزب الله لديه ترسانته العسكرية الكبيرة المتنوعة والتي تأخذ بعين الإعتبار تسليح العدو الإسرائيلي ومكامن تفوقه ونقاط تهديده ومصادر ايلامه، ولكن تسليحه ليس مستوى تسليح العدو، حزب الله ليس تقليدي السلاح لديه ضمن ترسانته معدات خاصة بمخرجات الذكاء الإصطناعي، لديه عنصر بشري مغذى عقائدياً كما قالها السيد حسن:” تواجهون أناس يملكون إيماناً لا يملكه أحد على وجه الأرض”.. مقابل جنود اسرائيليين “مجرد هياكل بشرية يكسبها سلاحها القوة ولكنها لا تكسبه القوة”. بنظري “حزب الله حزب رجال (القلب الواحد) و(المعتقد الايديولوجي الراسخ)”.
السؤال السادس: هل هناك أفق لإيقاف الحرب ؟
العملية السياسية لإيقاف الحرب ذات مكانة ثانوية بالنسبة لإسرائيل، والأساس هو ما تطمح إلى تحقيقه عسكريا مدفوعا بطموحاتها الاستراتيجية المتعلقة بالوجود والتوسع والاستمرارية والتي تتلخص بمخطط اسرائيل الكبرى التي تجعل نطاق عملياتها العسكرية ليمتد ليشمل سورية والعراق وإيران إضافة إلى لبنان وفلسطين، وبما أنها وفق حسابات قادتها أغتالت القادة الفاعلين في المقاومتين اللبنانية والفلسطينية، وتستنزف طاقاتهم ومواردهم وحاضناتهم الشعبية، وتقطع سلاسل استمرارهم عسكرياً، فهي تعتقد أنها الاستمرار بالحرب عسكريا لصالحها، وان العملية السياسية يجب أن تكون وفق الوضع الجيوسياسي الذي تطمح لها وفق شرورطها وطموحاتها وهي من تفرضه ولا تدخل للعملية السياسية كطرف في تسوية فالتسوية مرفوضة وفق العقلية الاسرائيلي، إذا لا حل سياسي والحرب مستمرة، ورحم التمخضات السياسية هو الميدان ومجرياته العسكرية وتغيراته، لذا لا داعي للحديث عن شروط حزب الله لوقف اطلاق النار لطالما كان جبهة اسناد ووقف الحرب على غزة مطلبه، فالان حزب الله يتصدى لهجوم اسرائيلي يستهدف لبنان مستقلة عن غزة، ولا أمان لإسرائيل طالما لا أمان للبنانين، ويبقى حزب الله لا طرفاُ لبنانياً أخر هو من يجسد الأمن القومي اللبناني ويدافع عنه.
رئيس قسم الدراسات السياسية في مرصد طريق الحرير
الدكتور ساعود جمال ساعود