بقلم رئيس التحرير يعرب خيربك
منذ مطلع الثمانينات، تطوّر الفكر الجهادي من تيار محدود الانتشار إلى شبكة عابرة للحدود تستند إلى خطاب أيديولوجي وتأويلات متشددة للنصوص. ومع تطور الإعلام الرقمي، أعاد هذا الفكر إنتاج نفسه على منصات جديدة، مستغلًا الأزمات السياسية والثقافية في العالم العربي والإسلامي.
الخلفية التاريخية
نشأ الفكر الجهادي الحديث في سياقات الصراعات الإقليمية: الحرب الأفغانية، ثم احتلال العراق، والاضطرابات بعد “الربيع العربي”. وشهد تحولات متكررة من التنظيم الهرمي إلى الخلايا اللامركزية، ومن الخطاب المسلح إلى الدعاية الرقمية المتقنة.
سمات التحول الجهادي
التأصيل الديني المتشدد
اعتمد على تفسيرات ضيقة للنصوص الشرعية، وخطاب ديني يغذّي الانقسام والتكفير، مُوظِفًا رمزية “الجهاد” بمعزل عن شروطه وضوابطه الفقهية.
الثورة الرقمية والدعاية
استخدمت الجماعات منصات مثل يوتيوب وتلغرام لبث الفيديوهات الدعائية والتجنيد، مستفيدة من هشاشة الخطاب المضاد في الفضاء الرقمي العربي.
التكيف الهيكلي
انتقل الفكر الجهادي من التنظيمات المركزية مثل “القاعدة” إلى أنماط مرنة كـ”الذئاب المنفردة”، مما صعّب من المواجهة الأمنية التقليدية.
آليات المواجهة المتكاملة
تفكيك الخطاب
الرد على التأويلات المتطرفة بمنهج علمي وشرعي، مع إبراز التعدد الفقهي والتاريخي لمفهوم الجهاد في الإسلام.
صناعة خطاب بديل
إطلاق منصات فكرية وثقافية رقمية تستهدف الشباب بلغتهم وتستند إلى الأمل والتعدد والكرامة، بعيدًا عن خطاب التخويف.
الاحتواء المجتمعي والسياسي
حلول أمنية دون عدالة اجتماعية تبقى قاصرة. المطلوب هو معالجة جذور التهميش والفراغ الثقافي الذي تستغله هذه التيارات.
رأي المرصد
إن تطور الفكر الجهادي ليس نتاج التفسير الديني فحسب، بل انعكاس لتصدعات الدولة والمجتمع العربي. المواجهة الحقيقية تبدأ من استعادة الخيال الجماعي الإيجابي، وبناء عقد اجتماعي جديد يقدّم بدائل للعدمية والعنف.