بقلم عبدالله حسن زيد : كاتب وباحث في العلاقات الدولية والدبلوماسية .صحفي سوري.
إن جميع الدعوات التي تدعو للانفصال هي بمثابة خيانة للجغرافيا والدولة السورية لأن السويداء هي محافظةٌ سوريةٌ بامتياز و مثل هذه الدعوات تحقيق لمطالب الاحتلال الإسرائيلي الذي لطالما حاول السيطرة على المنطقة الجنوبية منذ تأسيسه حتى يومنا هذا. وخاصة في الأيام الأخيرة التي شهدنا فيها تحولاً كبيراً عسكرياً واستراتيجياً بعد سقوط نظام الأسد السابق ، وانهيار منظومة الدفاع السورية السابقة التي كانت تشكل الحجر الأساس في التصدي لمثل هكذا مشاريع وكل من يطالب بالانفصال أعتقد أنه مخطأ وخاصة الدروز في الجنوب لأن حق تقرير المصير بالنسبة للسويداء مرتبط ارتباطاً وثيقاً بوحدة الشعب السوري وليس هو مسألة فردية أو شخصية وسقوط الجنوب بيد إسرائيل تحقيق لمصالحها العسكرية والجيوسياسية والأمنية وبالتالي انفصال السويداء هو تمزيق لوحدة الأراضي السورية، ودعم للمشروع الصهيو أميريكي في المنطقة العربية مما يؤدي إلى نتائج سلبية لا تحمد عقباها.
فضلاً عن المخاطر التي قد يتعرض لها المجتمع السوري في السويداء والتي من أهمها
أولاً وعلى الصعيد الداخلي حيث نجد أن هناك خلاف بين العديد من مشايخ العقل في الطائفة الدرزية ممن يعارض هذه الدعوات الانفصالية ويرفضها رفضاً قاطعاً ويدعم حكومة دمشق وبين من يرفض الانصياع للدولة السورية الجديدة ،ويشكل مجموعات خارجة عن القانون ويثير الحراك المسلح مما يعرّض الطائفة الدرزية في الجنوب لمخاطر نشوب نزاع مسلح بين أفرادها أولا وبين الدولة السورية الجديدة ثانيا بدليل ما شهدناه في الأيام الأخيرة من نزاعات واقتتال( سوري _سوري) بين العشائر والدروز راح ضحيته العديد من الأرواح التي ليست لها علاقة بما يحدث بل نتيجة تصرفات رعناء قام بها بعض العصابات المسلحة من الطرفين مما أدى لغياب سلطة الدولة عن المنطقة وبالتالي حصول مجازر بحق المدنيين من الطرفين ليس لهم أي علاقة بما يحدث . ثانيا على الصعيد الخارجي طلب الهجري الحماية من العدو الإسرائيلي هو بمثابة صفعة على خد الحكومة السورية ومأخذاً يمثل دعوة للانفصال العلني مما يزيد في احتمالية حصول مشاكل في الجنوب تؤثر على الوحدة بين أبناء الوطن الواحد بعد ما شهدناه من اعتداء إسرائيلي على الأراضي في الجنوب والقيام بقصف وزارة الدفاع السورية وبعض النقاط التابعة للدولة السورية مما يعود بالسوء على الشعب السوري خاصة والعربي عامة. وبالتالي فالمخاطر كثيرة وأهمها انقطاع روافد التغذية والإمداد الطبي والاقتصادي والصناعي والتجاري عن المجتمع في السويداء مما يؤدي الى نتائج وخيمة قد عايناها أثناء الاقتتال الأخير بين الدروز والعشائر تتمثل في انقطاع الخبز والدواء والكهرباء والخدمات إلى آخره من مقومات الحياة اليومية .
وبالتالي إن التدخل الإسرائيلي أو الأمريكي في الجنوب هو تحقيق لمصالح إسرائيل بالدرجة الأولى ولا نقاش في ذلك ، فليس خفياً على أحد استمرار إسرائيل بالعمل على مشروعها الاستعماري في المنطقة والذي هو مشروع إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل ،وبالتالي إحكام السيطرة على الجنوب وأقصد الجنوب السويداء وبعض مناطق محافظة درعا يعد تحقيقاً لأمن وأمان وجود دولة إسرائيل، وبالتالي تحقيق لمشروعها إسرائيل الكبرى .
لذلك أي تدخل هو بمثابة خسارة كبيرة للجميع في الجنوب خصوصاً وسوريا عموماً، ومن جهة أخرى توسع لدولة الاحتلال وتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية تضمن بقائها واستمرارها بيدٍ سورية.
لذلك يجب على الدولة السورية الإسراع لمنع تفاقم الأمور إلى ما لا يحمد عقباه ،وذلك عبر العديد من الإجراءات منها :
1-ضبط الفوضى التي حصلت عقب سقوط النظام السابق والتأكيد على أن السويداء جزء لا يتجزأ من الجغرافيا السورية أرضاً وشعباً
2-محاسبة مجرمي الحرب ممن تلطخت أياديهم بالدماء دون تمييز استناداً لمحاكمة عادلة تشمل جميع المتورطين بالدماء ممن انتهكوا الأعراض وقاموا بانتهاكات جسيمة بحق الأهالي من قتل وذبح وتنكيل وحرق ممتلكات وتهجير .
3-بسط يد القانون والدولة والعمل على إعادة الأمن والأمان إلى كامل الأراضي السورية وليس فقط السويداء
4-توحيد الجهود ورفض الخطاب الطائفي والانفصالي المقيت والتأكيد على وحدة الأراضي السورية من الشمال إلى الجنوب
5-العمل على رأب الصدع الحاصل بين جميع المكونات في المنطقة والذي من شأنه أن يضمن حياة حرة كريمة للمواطنين تضمن لهم حرية التعبير والعيش بأمان في مناطقهم وبين أهاليهم.
6-تفعيل دور المؤسسات واحترام القانون والتأكيد على مبدأ الحوار والتعايش السلمي لجميع مكونات الدولة السورية .