ألقى الرئيس الصيني شي جين بينغ خطاباً في تجمع للاحتفال بالذكرى الـ25 لعودة هونغ كونغ الى الوطن الأم، ومراسم تنصيب حكومة فترة الولاية السادسة لمنطقة هونغ كونغ الادارية الخاصّة.
جاء هذا الخطاب للرئيس الصيني بمناسبة مرور ربع قرن على عودة هونغ كونغ في زيارة هي الأولى للرئيس بينغ منذ عام 2019م؛ العام الذي شهد بعض الأحداث الداخلية في هونغ كونغ والمدعومة من قبل الدول المعادية في محاولة للإخلال بالأمن والاستقرار في هونغ كونغ إلا أنها فشلت، وتمكنت الصين من ضبط الأوضاع وإصدار قانون الأمن القومي لهونغ كونغ عام 2020م الذي جرم “الانفصال والتخريب ضد الحكومة المركزية الصينية”، و”الإرهاب والتواطؤ مع القوات الأجنبية” ، وبذلك تم تسوية الأمر وقطع يد التدخل الخارجي.
ومن خلال تتبع ما تناقلته وسائل الإعلام عن كلمة الرئيس الصيني ، يلاحظ أنّه ركز كثيراً على مبدأ (دولة واحدة بنظامان) في الكثير من أجزاء خطابه، وأبدى تمسكه وإعجابه الشديد بهذا المبدأ ، ومن جملة أقواله بهذه الصدد نذكر قول الرئيس شي جين بينغ: “إن ممارسة “دولة واحدة ونظامان” حققت نجاحاً في هونغ كونغ يعترف به الجميع”، وقال أيضاً: “أود أن أعرب عن خالص شكري لمواطنينا في الداخل والخارج والأصدقاء الدوليين الذين يدعمون قضية “دولة واحدة ونظامان” ويدعمون ازدهار واستقرار هونغ كونغ” ، وكذلك قال أيضاً: “لا يوجد سبب لتغيير نظام جيد مثل “دولة واحدة ونظامان” ويجب الالتزام به لفترة طويلة”. الأمر الذي يدفعنا للبحث في أسباب تمسك الصين بهذا المبدأ.
وحول مبدأ دولة واحدة بنظامان، فإنّ هذا المبدأ تم صياغته بالأصل لإعادة توحيد الصين في مطلع ع1980م بما أن الخلاف الاقتصادي الجوهري عامل مانع للتوحد والاستقرار، لذا من منطلق تجاوز هذه العقبة المحورية فقد تم تقبل الواقع ليكون هذا التقبل حلاً بحد ذاته، ولتلافي عيوب النظم الاقتصادية المتّبعة، حيث تم الجمع بين النظامين الرأسمالي والاشتراكي ذو الخصائص الصينية والاستفادة من ميزاتهما الإيجابية في استغلال الثروات المادية والبشرية في الصين وتوظيفها لخدمة الشعب والدولة الصينين بما يكفل تقدم الصين دولة وشعباً، فاختلاف النظامين في الصين لم يمنع من وجود قاسم مشترك بينهما تمثل بالعمل على تقدّم وتطوّر الشعب الدولة الصينية.
ومن جهة أخرى فقد عوّل على هونغ كونغ نظراً لما تمتلكه من مقومات تؤهلها لتأدية دور اقتصادي وسياسي مهم في حاضر ومستقبل الصين، بقوله:” ستكون هونغ كونغ بالتأكيد قادرة على خلق تألق أكبر، وستكون قادرة على مشاركة مجد التجديد العظيم للأمة الصينية مع شعب الوطن الأم”، علماً أن هونغ كونغ ستعود للصين وتفقد استقلالها الذاتي بحلول عام 2047م، وفق الاتفاق بين بريطانيا والصين في تسعينات القرن العشرين؛ الاتفاق الذي ينص على منحها الحرية بتحديد جوانب إدارة الدولة باستثناء العلاقات الدولية والدبلوماسية والبينية العسكرية.
كما أشاد الرئيس الصيني بالنضال الرائع للحزب الشيوعي الصيني الذي استمر قرنًا من الزمان وحد وقاد الشعب وسجل الإسهامات الفريدة والمهمة لشعب الصين ودولتها، وأنهى الرئيس الصيني خطابة بتوصياته لهونغ كونغ في الفترة المقبلة على أن ترتسم معالمها وفق أسس واضحة تقوم على تحسين مستوى الحكم، وتعزيز زخم التنمية، وحل مشاكل معيشة الشعب بشكل فعال، والحفاظ على الانسجام والاستقرار معا. وهذا ما يصلح أن يكون خطة عمل لحكومة هونغ كونغ أو برنامج حكومي تعمل على تحقيقه مستقبلاً.
وبالمجمل تأتي زيارة الرئيس الصيني في سياق قطع الطريق أمام التدخل الخارجي بالشؤون الصيني وإرسال رسالة للقوى المعادية والمنافسة للصين مفادها: إنّ تايوان، هونغ كونغ شأن داخلي صيني بحث ولن تسمح لأي قوة بالتدخل بشؤونها، وهذا تلويح بمنطق القوة وأدواتها علماً أن الصين دولة سياسة وإصلاح وتنمية عكس الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها.
بقلم الدكتور ساعود جمال ساعود