على الرغم من تغني الولايات المتحدة الامريكية بشعاراتها الليبرالية لا سيما الديمقراطية، الا ان شعوب العالم لم ترى سوى الحروب والتلاعب ببؤر الصراع على الساحة الدولية، ما يهدد الامن والاستقرار العالمي ويقوض من سيادة الدول وحرية شعوبها.
الولايات المتحدة تنظر للمجتمع الدولي الذي تحتل مكانا رائدا بأغلب مراكزه القيادية بما فيه المنظمات الدولية أنه بمرتبة أدنى في ظل تفوقها منذ انهيار الاتحاد السوفيتي لغاية اليوم، ولا يساور قياداتها القلق لطالما هم مطمئنين على قطبيتهم الأحادية، الامر الذي جعل المتغيرات الدولية وما حملته من صعود قوى عالمية مثل الصين بأقتصادها ونهجها السياسي الهادئ، وروسيا بما لها من ثقل عسكري مصادر تهديد عملت على تقويضها عبر احتوائها لهذه الدول وافتعال المشاكل لها.
تقارير الاستخبارات الأمريكية ومراكزهم السياسية منذ عام 2012م ، تتحدث عن مخاوف التعددية القطبية، ولا ترى سوى الصين منافسا لقوة أقتصادها الذي يتجاوز الـ 18 تريليون دولار، لا بل مهددا لأمنها القومي جراء ما تحققه من تقدم تكنولوجي هائل، رغم التقدم الاقتصادي والعسكري الأمريكي الهائل
وأمام محاولات الأمريكي للنيل من سيادة الصين وروسيا سواء فيما يخص التدخل بشؤون تايوان وبحر الصين الجنوبي بالنسبة للصين، إضافة الى محاولات احتوائها عبر سلسلة من الاحلاف العسكرية مع اليابان وكورية الجنوبية والفلبين وغيرها، ومساعي تطويق مشاريعها التنموية، مروراً بسياسة العقوبات الاقتصادية، وصولاً الى تمدد الناتو على مقربة من حدوها فيما يتعلق بروسيا، يبرز إلى العلن مدى التقارب الصيني الروسي ووقوفها في وجهة المساعي الامريكية لاستهداف مصالحها ومكانتهما العالمية، الامر الذي دفع بقوة كلا ومن الطرفين الروسي والصيني لتعزيز تعاونهما وحماية مصالحهما تعاوناً قوامه الالتزام ت بمسار التعايش المتناغم والمربح للجانبين سياسياً واقتصاديا والتمسك بالإنصاف والعدالة على الصعيد الدولي واحترام خصوصيات الدول.
محطات تاريخية متعددة أظهر فيها الطرفان ضرورة حشد التوافق بشأن التنمية، وتعزيز التعددية، وتعزيز الرخاء والاستقرار الإقليميين والدوليين بعيدا عن سياسة الولايات المتحدة الامريكية وتبعاتها التي لا تقود إلى تمتين ما سلف من مرتكزات للأمن والسلم العالمي.
السياسة ومناسباتها المتعددة سواء في مؤتمرات الأسيان أو البريكس أو في أطار منظمة شنغهاي، رسخت عبر مسؤولي البلدين ركائز التنسيق الاستراتيجي وتعميق التعاون في مختلف المجالات ومعارضة الهيمنة وسياسة القوة، بما يكسر القطبية الأحادية ويعزز التعددية القطبية في العالم.
وفي الأونة الأخيرة يشهد العالم العربي لا سيما الخليجي تقاربا مع الصين عبر بوابة الاقتصاد بمحاولة للموازنة بينها وبين الأمريكي، والملفات السياسية ثمرة هذا التقارب، علاوة ان منطقة الشرق الأوسط غنية بالملفات الساخنة، ومنها طوفان الأقصى اليوم الذي تبدي فيه الصين وروسيا دعما سياسياً لفلسطين وشعبها، دون أن يصل الامر إلى أتخاذ خطوات جوهرية على مسار الصراع، تفسيرها الوحيد استغلال أخطاء الأمريكي ودعمه لإسرائيل لصالح المزيد من التقارب العربي والروس صيني، مما يعني أن ملف طوفان الأقصى أو غزة أحد بوابات التنافس والتنافر لجذب وترغيب الدول بالميل لصالح حلفها، فباطن المواقف السياسية الامريكية – والصينيية تتمثل بالسعي لتصيد الأخطاء وجذب الدول، ومقارنة ما قدّم لفلسطين بما قدمته أمريكا لأسرائيل ستكون نتيجة مخزية.