يعرب خير بيك – رئيس تحرير مرصد طريق الحرير
يبدو أن التراجع الامريكي امام الصين والذي بدأ مع السياسة الدولية ومبادرة الحزام والطريق واحصة الاقتصادية في التبادل الدولي، وتطور بعد كورونا والنجاح الصيني في مواجهتها واليوم بدأ يرى العالم أن التنافس دخل مرحلة عقدية اكثر عمقا على مستوى الحوكمة والتنمية ليصل الى اكثر ما تغنت به امريكا وهو ما تدعوه بالديمقراطية الامريكية التي شكلت الدعاية حجمها الاكبر،وبدا العالم يوجه النقد الموضوعي المحدد للديمقراطية الغربية الأمريكية في ظل الواقع الراهن.
رغم أن الألة الإعلامية والسياسية الغربية ما زالت تتصدر المشهد السياسي في الغرب الأوربي والأمريكي على أنهم مسرح للديمقراطية بابرز محاسنها وتفخر فيها على شعوب العالم وتعتمدها معياراً للرقي والتقدّم، وليس هذا فقط بل تتخذها بوابه للتدخل في شؤون الدول والتضييق في أمورها السيادية، هذا كله دون أن تسلط الضوء على الجانب المظلم لديمقراطية بلداهم لا سيما الولايات المتحدة الأمريكية والتي بدأت تظهر من سياسيين امريكيين ليس آخرهم الرئيس الامريكي السابق ترامب،
اضافة الى مراكز دراسات ومحللين من خلال انتقادات محددة
نوجز أهمها:
أولاً: طغيان الأغلبية: هو مصطلح يُستخدم لوصف الظاهرة التي تُهمّش فيها حقوق الأقليات من قبل الأغلبية في المجتمع، ومن الأمثلة على طغيان الأغلبية: التمييز ضد المهاجرين: في بعض الدول الغربية، يُواجه المهاجرون التمييز في مجالات مثل التعليم والسكن والتوظيف، وكذلك الأمر بالنسبة للأقليات الدينية ، ومن الأمثلة على طغيان الأغلبية يشكل المسلمون في المملكة المتحدة، يُشكل المسلمون 4.9% من السكان، لكنهم يشكلون فقط 0.8% من أعضاء البرلمان، في الولايات المتحدة، يُشكل السود 13% من السكان، لكنهم يشكلون فقط 3% من أعضاء الكونجرس، الأمر الذي يحتم البحث عن الأسباب التي نوجزها بما يلي:
أولاً: نظام الانتخابات: في بعض الأحيان، يمكن أن تُؤدي أنظمة الانتخابات إلى تمثيل غير متناسب للأقليات في الحكومة. على سبيل المثال، قد لا تحصل المجموعات الصغيرة على عدد كافٍ من الأصوات للفوز بمقاعد في البرلمان.
ثانياً: القوانين والسياسات: قد تُسنّ الأغلبية قوانين وسياسات تُميّز ضد الأقليات. على سبيل المثال، قد تُسنّ قوانين تقيد حرية الدين أو التعبير.
ثالثاً: الخطاب العام: قد يُستخدم الخطاب العام لإثارة الكراهية والتمييز ضد الأقليات.
ثانياً: من الانتقادات تأثير المال على السياسة: دفع أموال طائلة في سبيل الوصول إلى مراكز صنع القرار في الدول الغربية بغض النظر عن الكفاءة واخذاً بعين الاعتبار العامل المصلحي الذي يكون على حساب المصلحة العامة في بعض الأحيان، ويتخذ المال السياسي من حيث استخدامه عدّ’ أشكال نوجزها بما يلي:
أولاً: تمويل الحملات الانتخابية: يُمكن للمال أن يُستخدم لشراء النفوذ السياسي من خلال تمويل الحملات الانتخابية. قد يُؤدي ذلك إلى انتخاب مرشحين يُمثلون مصالح الأغنياء والشركات، وليس مصالح المواطنين العاديين.
ثانياً: جماعات الضغط: تُنفق الشركات والمجموعات ذات المصالح الخاصة مبالغ كبيرة من المال على جماعات الضغط للتأثير على السياسات العامة، قد يُؤدي ذلك إلى سنّ قوانين تُفيد هذه المجموعات على حساب المواطنين العاديين او المصلحة العامة.
ثالثاً: الفساد: يُستخدم المال لشراء الأصوات أو التأثير على قرارات المسؤولين الحكوميين.
ومن الأمثلة على استخدام المال السياسي: في المملكة المتحدة، تُنفق الشركات أكثر من 100 مليون جنيه إسترليني سنويًا على جماعات الضغط، وفي فرنسا، تمّ الكشف عن أنّ شركة لوريال قد دفعت 200 ألف يورو لجمعية خيرية يديرها الرئيس السابق نيكولا ساركوزي.
ثالثاً: اللامبالاة السياسية: عدم اهتمام المواطنين بالشؤون السياسية، ما يُؤدي إلى انخفاض معدلات المشاركة في الانتخابات والاحتجاجات السياسية، مثال في الولايات المتحدة، يُقدر أنّ 40% من المواطنين لا يُعرفون أي من المرشحين في الانتخابات الرئاسية، وفي المملكة المتحدة، يُقدر أنّ 30% من المواطنين لا يُصوتون في الانتخابات العامة، وفي فرنسا، يُقدر أنّ 25% من المواطنين لا يُشاركون في أي نوع من الأنشطة السياسية.
رابعاً: صعود الشعبوية وخطرها على الديمقراطية الغربية: الشعبوية هي أيديولوجية سياسية تُركز على “الشعب” ككتلة موحدة، وتُعارض “النخبة” الحاكمة. غالباً ما يُستخدم خطابٌ تبسيطيٌّ وعاطفيٌّ لجذب الجماهير، مع التركيز على قضايا مثل الهجرة، والاقتصاد، والأمن. أمثلة على مخاطر الشعبوية بالأرقام ارتفاع معدلات جرائم الكراهية: زادت جرائم الكراهية في الولايات المتحدة بنسبة 17% في عام 2017 بعد انتخاب ترامب.
خامساً: التّمثيل غير المتكافئ: يُشير التّمثيل غير المتكافئ إلى عدم تمثيل جميع فئات المجتمع بشكلٍ متساوٍ في المؤسسات السياسية، يمكن أن يكون هذا بسبب أنظمة الانتخاب، أو القوانين الانتخابية، أو العوامل الاجتماعية والاقتصادية، ومن أمثلة على التّمثيل غير المتكافئ الولايات المتحدة تمثيل النساء في الكونغرس الأمريكي أقلّ من 25%.، وتمثيل الأقليات العرقية في الكونغرس الأمريكي أقلّ من 30%.
وبالمجمل إن آلية الانتخاب تعتمد على القوة المالية ولوبيات الضغط التي تستخدمها الشركات الكبيرة الغنية، ولا تعتمد على برنامج عمل بل على الدعاية، وهذا تحدث عنه ترامب ايضا وعن التزوير.
كما إن الناخب يفقد سلطته على وكيله الذي ينحرف بسهولة عن الاهداف والوعود بينما في الديمقراطية الشعبية التمثيلية يحون الممثل مرتبطا بمن يمثله ولا يتخذ القرار شخصيا بل من خلال الاجتماعات الدورية على كل المستويات، كما ان التمثيل الامريكي لا يشمل التمثيل الوظيفي النوعي وهذا بذاته يجعله اقل جدوى من التمثيل الشعبي الصيني الذي يفترض ان الممثل لكل جهة من المختصين، وهو اسلوب النقابات والتخصص النوعي.
والاهم من كل هذا امريكا تفرغ مفهوم الديمقراطية وتعبر عن حقيقة رؤيتها من خلال فرض رأيها بالقوة على شعوب العالم وهذا بحد ذاته يعاكس مفهوم الديمقراطية، ويفرغ معناها الذي هو تجربة شعبية خاصة تراكمية لثقافة شعب وتجريته ولا يمكن تعميمها.