بين قبضتها على سلاح وعينها المتطلعة إلى الحلول، لم تتوانى حماس عن السفر إلى القاهرة لحضور المحادثات التي تتوسّط فيها مصر وقطر والولايات المتحدة الامريكية للتوصّل إلى هدنة محتملة يتم خلالها ايقاف إطلاق النار، وايجاد حل لملف الأسرى.
الطرف الاسرائيلي بدا متعنتا منذ البداية اذ لم يرسل وفوده للمشاركة بالتزامن مع استمراره بحربه التي بلغت درجة قيامهم بإجلاء المدنيين من رفح بنية تنفيذهم لعمليتهم العسكرية تحت دعوى محاربة الإرهاب.
الجيش الاسرائيلي وعلى لسان وزير دفاعه برّر عمليته بعدم رؤيته لأي إشاره حول رغبة حماس بإيقاف الحرب على الرغم من أن استمرارهم بحربهم ضد غزه دونما تفريق بين مدني وأخر منتسب لحماس، حيث يرى الاسرائيلي بمنطقه رفح مقراً لحماس الأمر الذي يوجب من منظورهم المضي بحربهم رغم تواجد ما يفوق المليون شخص في تلك البقعة الجغرافية.
التكهنات حول مستقبل المحادثات والتنبؤ لها بالانهيار كانت ماثله منذ البداية وسط تمسّك كلا من حماس واسرائيل بشروطهما بعد سبعة أشهر من الحرب مستندين بذلك بما طالبت به حماس من ايقاف للحرب بشكل دائم دون أن تشكّل مسألة تبادل الأسرى أي عائق يهدّد مسار الاتفاق.
يبدو أن هنالك خلاف جوهري يواجه الوسطاء حول الوصول الى حل مرضٍ للطرفين وسط إصرار حماس الايقاف الدائم للحرب، والإيقاف المؤقت الذي تريده اسرائيل وفق ما صرح به نتنياهو ريثما يتم إطلاق سراح الرهائن، إضافه إلى المبررات الدائمة التي يخترعها نتنياهو بهدف الاستمرار بحربه وتوسيع دائرة الصراع، فهل ستشهد الجهود المبذولة عبر الوسطاء نجاحاً فيما تبديه من مساعٍ لأنهاء الوضع القائم في غزة ؟ ربما الأيام القادمة ستكون كفيله بالجواب.
ولكن يبقى لدينا رأينا الخاص بهذه بهذا الشأن، حيث هنالك محدّدات لنجاح جهود الوسطاء تتمثل بما يلي:
- حسم الخلاف حول مدة الهدنة من حيث هي مؤقتة أم دائمة، لأن طبيعة المرحلة تقتضي ايقافاً دائماً ولا فائدة من الإيقاف المؤقت لأن اسرائيل بحال عاد الأسرى ستستأنف عملياتها العسكرية تجاه غزه ، وبذلك تكون حماس قد خسرت ورقه رابحه في حربها.
- قيام اسرائيل بالإنسحاب من قطاع غزه في حال تم الإتفاق وهذا ما يبدو أنه صعب جداً ويمثّل هزيمه استراتيجية لإسرائيل.
- موافقه اسرائيل على شرط بقاء حماس في السلطة وهذا ما يبدو أنه أشبه بالمستحيل لأنّها حسب ما اقترحته في خطط السلام الإقليمي تهدف لخلق سلطة اقليمية فلسطينية مدنيه مطاوعة لها ومعزولة السلاح ووجود حماس لا يحقق لها هذا.
- خضوع اسرائيل للضغط الدولي وهذا يبدو بعيدا المنال.
- خضوع اسرائيل للضغط الداخلي بشأن ملف الأسرة.
وبالنتيجة أرى أن مصير الاتفاق في وجهه إلى طريق مسدود ولن يكون سبباً في وقف الحرب التي ستستمر، وإن اسرائيل هي الخاسرة لأن قوى المقاومة والجبهات الإسناد تقوم باستنزافها اقتصادياً وبشرياً وعسكرياً من منطلق كونها الأقوى والأكثر دعماً.
د. ساعود جمال ساعود