تنتشر في هذا الوقت كتابات وتحليلات تفيد بوجود تسوية سرية محتملة بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن قسد في الشرق السوري، ومن الأمثلة على هذه الآراء ما كتبه الكتاب والمحللين والسياسيين والعسكريين حول تسوية سرية محتملة بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن قسد في الشرق السوري:
- في مقال نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” في 25 أغسطس 2023، قال الكاتب روبرت كابلان إن الولايات المتحدة من المرجح أن تتخلى عن قسد لصالح روسيا. وقال كابلان إن الولايات المتحدة “فقدت الاهتمام” بسوريا، وأنها “لا تريد الدخول في مواجهة مع روسيا” بشأن قسد.
- في مقال نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” في 26 أغسطس 2023، قال الكاتب جاك ديوتش إن الولايات المتحدة من المرجح أن تستمر في دعم قسد. وقال ديوتش إن الولايات المتحدة تدرك أن قسد “قوة أساسية في مكافحة داعش”، وأنها لا تريد أن “تترك الأكراد للروس”.
- في مقابلة مع قناة “العربية” في 27 أغسطس 2023، قال وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، إن روسيا وسوريا تتفاوضان مع الولايات المتحدة بشأن تسوية في الشرق السوري. وقال المقداد إن سوريا تسعى إلى “عودة كامل الأراضي السورية إلى سلطة الحكومة السورية”.
- في مقابلة مع قناة “الجزيرة” في 28 أغسطس 2023، قال قائد قوات التحالف الدولي في سوريا، الجنرال فرانك ماكنزي، إن الولايات المتحدة “ملتزمة بدعم قسد”. وقال ماكنزي إن الولايات المتحدة تعمل مع قسد على إيجاد حل سلمي للصراع مع العشائر السورية.
ببساطة نقول إن مصداقية وجود تسوية من عدمه يتوقف بشكل كبير على التطوّرات المستقبلية في العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا وقسد مدى احتمالية التوصل إلى تسوية سرية بين الطرفين علماً ان التسويات التي عرفتها سنوات الحرب في سورية كانت بأغلبها سرية دون أن نعني بذلك التشكيك بأي طرف، ولكن هذا يدفعنا إلى تساؤل رئيسي مفاده: هل تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية التخلي عن قسد؟
من الناحية الفنية، تستطيع الولايات المتحدة التخلّي عن قسد في أي وقت ومع ذلك، فإن هناك عددًا من العوامل التي قد تجعل هذا القرار صعباً أو غير مرغوب فيه لعدّة أسباب:
أولًا: الولايات المتحدة تدعي الاعتماد على قسد في مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، قسد هي القوة العسكرية الرئيسية في شمال شرق سوريا، وهي مسؤولة عن السيطرة على المناطق المحررة من داعش، إذا تخلت الولايات المتحدة عن قسد، فقد تعود داعش إلى السيطرة على هذه المناطق، مما قد يشكل تهديدًا للأمن الإقليمي.
ثانيًا: تعتمد الولايات المتحدة على قسد في مكافحة النفوذ الإيراني في سوريا، قسد هي القوة الكردية الرئيسية في سوريا، وهي معارضة لنفوذ إيران في المنطقة، إذا تخلت الولايات المتحدة عن قسد، فقد يكون ذلك بمثابة انتصار لإيران، مما قد يزعزع الاستقرار في سوريا والمنطقة، وهذا يضر بمصالح أمريكا وإسرائيل على حد سواء.
ثالثًا: قسد لديها تاريخ من انتهاكات حقوق الإنسان ولكن الولايات المتحدة ترى أنها القوة الأفضل المتاحة لمكافحة هذه الانتهاكات.
في النهاية، سيعتمد قرار الولايات المتحدة بشأن ما إذا كانت ستتخلى عن قسد على مجموعة من العوامل، بما في ذلك التطوّرات في العلاقات بين قسد والعشائر السورية ومدى استمرار الولايات المتحدة بالتذرع بمكافحة داعش، ومدى تزايد نفوذ إيران، والتحركات الروسية إزاء الأمر.