مع اقتراب موعد انعقاد القمة العربية الثالثة والثلاثين في البحرين، تبرز الحاجة إلى ضرورة توحيد الصف العربي وتفعيل العمل العربي المشترك خصوصاً في ظل ما تواجهه المنطقة العربية من تحديات محورية تهدد مستقبلها، لا سيما بعد سلسلة من القمم التي جاءت مخرجاتها دون المأمول.
ملفات متعددة تتفاوت في أهميتها وخطورتها تنتظر الدول المجتمعة على طاولة المفاوضات في ظل المتغيرات التي تعصف بالمنطقة العربية، الأمر الذي يلقي على كاهل المجتمعين أعباء ثقيلة لإيجاد الحلول والمخارج.
الملف الفلسطيني الذي يتصدر المشهد السياسي الراهن عربيا دوليا لا بد أنه يحتل الأولوية في مناقشات القمة ، حيث يواجه الشعب الفلسطيني في قطاع غزة تطورات غير مسبوقة وممارسات غير إنسانية من قبل آلة الحرب الإسرائيلية، راح ضحيتها ما يفوق 34 شيهداً، وتمدُّد هذه الحرب إلى لبنان وازدياد التوتر وتصاعد المواجهة في الضفة العربية لتحتل الأولوية على جدول التحديات الإقليمية وسط فشل المساعي العربية لإيقاف الحرب لغاية الأن، ما يطرح الكثير من التساؤلات حول إمكانية الدول المجتمعة على الخروج بما يسهم بإنهاء الوضع الراهن بالنسبة للشعب الفلسطيني.
سورية التي تحضر القمة للمرة الثانية بعد سنوات من الغياب، لن يكون ملفها بمنأى عن المداولة والنقاش في ظل استمرار التواجد الأجنبي على أراضيها، والخروقات المستمرة للعدو الإسرائيلي لسيادتها، الأوضاع الاقتصادية التي يعاني منها الشعب السوري في ظل استمرار العقوبات الأمريكية، بالإضافة إلى العديد من الملفات القضايا الخاصة التي تشهدها المنطقة كالملف اللبناني والسوداني والتي تعتبر مناقشتها من جزءاً مقتضيات الأمن القومي العربي.
على الجانب الأخر القضايا الاقتصادية ماثلة وبقوة في جدول أعمال القمة، فقد أكد مشروع جدول الأعمال التحضيري للقمة المرفوع من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي على 12 بنداً أهمها تقرير الأمين العام للجامعة العربية حول العمل العربي الاجتماعي والتنموي العربي المشترك، وخطة الاستجابة الطارئة للتعامل مع التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للعدوان الإسرائيلي على فلسطين؛ البند الذي تم إدراجه بناءً على مذكرة تقدمت بها دولة فلسطين
كما تبرز المقترحات التي تقدم بها الدول الأعضاء هي الأخرى بوصفها موضع نقاش خلال القمة القادمة، حيث تقدمت السعودية بعدة مواضيع جرى تضمينها في جدول اعمال القمة أبرزها مناقشة أخر مستجدات مجلس وزراء الأمن السيبراني العربي، كما أن الدولة المستضيفة ذاتها ضمنت جدول أعمال القمة حول التعاون العربي في مجال التكنولوجيا المالية والابتكار والتحول الرقمي، والأهم في هذا السياق ما تقدمت به الأمانة العامة للجامعة بشأن الرؤية العربية لعام 2045 … المعنونة بتحقيق الأمل بالفكر والإرادة والعمل.
خطة البحرين كسابقاتها من القمم .. محطة هامة من محطات التقييم والحكم على فاعلية الجهود العربية من منطلق خطورة الأحداث التي تواجهها المنطقة العربية ومنعكساتها على مستقبلها ، ولا بد أن الخروج بحلول فعلية ستكسب العمل العربي المشترك مزيداً من المصداقية لدى الشارع العربي عكس الحل فيما إذا لم تصدر القمة قرارات مؤثرة على مجريات الأحداث الراهنة.
د. ساعود جمال ساعود
رئيس قسم الأبحاث السياسية في صحيفة طريق الحرير