كانت فنلندا وإستونيا من بين الأصوات العدائية التي دعت إلى اتباع نهج موحد على مستوى الاتحاد الأوروبي لمعالجة بعض القضايا القانونية التي أعتبرتها “ثغرة” لمنع الروس من السفر براً إلى الاتحاد الأوروبي ، على أن يتم منعهم قانونياً من الطيران أو ركوب القطار.
وهذا السياق أعربت فنلندا وإستونيا عن قلقهما إزاء استخدام الروس للمطارات الدولية مثل هلسنكي كمحور والسفر بحرية والذهاب في عطلة ، وتجنب العواقب التي كانت تهدف إلى فرض العقوبات على الوصول إلى إسبانيا وإيطاليا واليونان هي دول الاتحاد الأوروبي التي تصدر معظم تأشيرات شنغن السياحية للروس، حيث قالت رئيسة الوزراء الفنلندية سانا مارين في مؤتمر صحفي مع زعماء دول الشمال الأوروبي الآخرين وشولتز: “أعتقد أنه ليس من الصواب أن يتمكن المواطنون الروس من السفر ، ودخول منطقة شنغن الأوروبية ، وأن يكونوا سائحين ، وأن يروا المعالم السياحية ، بينما روسيا وأوكرانيا في حرب”.
ضافة إلى سانا مارين فقد كتب رئيس وزراء إستونيا كاجا كالاس مؤخرًا على Twitter بنبرة عدائية أوليغارشية كعاتهم قبل انتقال المركزية الغربية منهم إلى أمريكا قائلاً: أن “زيارة أوروبا هي امتياز وليس حقًا من حقوق الإنسان، ….. بينما تصدر دول شنغن تأشيرات الدخول ، يتحمل جيران روسيا العبء (فنلندا ، إستونيا ، لاتفيا – نقاط الوصول الوحيدة). حان الوقت لإنهاء السياحة من روسيا الآن “.
وما أن انتشرت تصريحاتهما حتى أطل ديمتري ميدفيديف – رئيس الوزراء الروسي السابق في رد سريع وغاضب من الكرملين على تعليقات الفنلندية والأستواني ، حيث شبه بالرئيس – كلاس بالنازي على تصريحاتهم التي تجازت النازية لحد الفاشية لا بل أرجعت الأذهان إلى نظريات عرقية مثل العرق الأري.
وفي ظل تأخر الاتحاد الأوربي عن تداول مناقشة هذه القضية رسمياً حتى الاجتماع السنوي لوزراء الخارجية في نهاية أغسطس الجاري ، تابعت فلندة واستوانيا سياساتهما العدائية ضد الشعب الروسي ، ولم يمنع ذلك هذه الدول من أتخاذ إجراءات بنفسها دون الانتظار لمعرفة ما إذا كانت هناك استجابة منسقة بين دول الاتحاد الأوربي ككل، فقد أعلنت فنلندا بعد ظهر يوم الثلاثاء: “أنها ستخفض خدمات التأشيرات الروسية بنسبة 90٪ من المستويات الحالية ، على الفور تقريبًا، هناك حوالي ألف شخص يتقدمون للحصول على تأشيرات شنغن الفنلندية كل يوم في البعثات الدبلوماسية ، وسيقتصر هذا الآن على حوالي 100 شخص.
وبالنسبة لألمانيا فقد رفضت السير على منوال فنلدة واستوانيا بأسبابها الخاصّة التي صرّحت بها على لسان مسؤوليها، حيث رفض المستشار الألماني أولاف شولتز دعم الدعوات المتزايدة لفرض حظر على نطاق الاتحاد الأوروبي على منح التأشيرات السياحية للروس ، حتى في الوقت الذي تتصرف فيه بعض دول شمال أوروبا من جانب واحد لفرض قيود التأشيرات الخاصة بها، ومن جملة الأسباب، تفريق الحكومة الألمانية بين الحكومة الروسية من جهة والشعب الروسي من جهة حيث قال شولتز متحدثا في أوسلو بعد اجتماع مع زعماء دول الشمال: “هذه ليست حرب الشعب الروسي. إنها حرب بوتين وعلينا أن نكون واضحين للغاية بشأن هذا الموضوع “، والتبرير بوجود معارضة سياسية لا ترغب بالبقاء ومن جملة ما قاله في مؤتمر صحفي في العاصمة النرويجية “من المهم بالنسبة لنا أن نفهم أن هناك الكثير من الناس يفرون من روسيا لأنّهم يختلفون مع النظام الروسي”، إضافة إلى التذرع بأن هناك العديد من الأشخاص في روسيا ممن يعارضون الحرب ويتعرضون للتهديد “.
بالعودة إلى ما حصل في تموز 2022م من قطع للغاز الروسي عن ألمانيا لمدة 10 أيام لأسباب تتعلق بالصيانة، جن جنون الإلمان وعزو ذلك لأسباب سياسية تتجسد باستخدام الغاز كسلاح روسي لمعاقبة الشاذين الأوربيين، وكان روبرت هابيك وزير الاقتصاد الألماني: “إن الروسي .. يستخدم الغاز “سلاحاً” رداً على عقوبات الاتحاد الأوروبي، ليظهر من خطابه كأنهم لا علاقة لهم بالاتحاد الأوربي أو هم شيء والأوربي شيء أخر ، وهذا لو قلناه ساعتها ما كان أحد ليصدّق، لأن ألمانيا تخاف روسيا من باب حرصها على مصلحتها ، إذ أن 55% من الغاز الالماني يأتي عبر روسيا، وهي المستورد الأول أوربياً، ولو قُطع الغاز الروسي فإنّ ألمانيا ستتعرض لركود كبير، لأنّ صناعات بأكملها تعتمد على الغاز، لذلك وجدنا ألماني مجبر على أتخاذ موقفه هذا.
بقلم الدكتور ساعود جمال ساعود