من المهم الإشارة الى أن الاستراتيجية الأمريكية التي أعلنها بايدن، تضمنت وقف الحرب على اليمن كبند أساسي، بالإضافة إلى مواجهة كل من الصين وروسيا، وتجاهلت الكثير من الملفات الدولية والإقليمية.
وهنا لابد من فهم خلفيات هذه الاستراتيجية وأبعادها.
وإذا انطلقنا من الشمال من بحر البلطيق إلى أوكرانيا وبولندا والبحر الاسود وشرق المتوسط، وتحديداً جزيرة كريت ومروراً بفلسطين المحتلة والاردن والبحر الأحمر والسودان، ووصولاً إلى جزيرة سقطرى ومدغشقر وموزامبيق.
نلحظ أن الولايات المتحدة تقوم بإعادة تموضع ونقل للقوات على طول هذا الحزام من الشمال إلى الجنوب، فيما يبدو وكأنها ترسم حزاماً دفاعياً لمواجهة الحزام والطريق الصيني وقطع طرقه البحرية والبرية لمنعه من الوصول إلى أوروبا وإفريقيا.
ولأجل تنفيذ هذه الاستراتيجية وقعت اتفاقية دفاعية مع الأردن، وقررت سحب قواتها من أفغانستان في أيلول، ووقعت اتفاقية مع العراق لسحب قواتها القتالية، وسحبت الباتريوت والقنابل النووية من انجرليك التركية إلى كريت اليونانية، وقامت بتوتير الأوضاع في أوكرانيا لاستقدام القوات والتعزيزات للمنطقة وتسعى لضم أوكرانيا للناتو، وزادت من وجودها العسكري في بحر البلطيق، واستقدمت داعش إلى موزامبيق، وطوعت السودان ووضعته تحت الوصاية الأمريكية، وأما في اليمن فقد صعقت بحجم القوة العسكرية المتطورة للجيش اليمني واللجان وخشيت على تواجدها وقواعدها، فسعت ومازالت لفرض الحل ووقف المعارك خوفاً من إفشال مخططها في إقامة هذا الحزام الدفاعي.
واستكمالاُ لمخططها تسعى إلى تشكيل ناتو شرق أوسطي، يضم إلى جانبها كل من اسرائيل ودول الخليج والسودان والأردن، وتمارس الضغوط على مصر للإنضمام إليه ،وعلى تركيا كذلك.
اليوم وبعد أن تمكنت الولايات المتحدة كما تظن من إتمام الجزء الأكبر من إعادة التموضع، أو على الاقل عقدت الإتفاقيات اللازمة لذلك في إطار هذا المخطط، ستسعى لتهدئة الأوضاع في مناطق التوتر، وسنشهد عودتها إلى الاتفاق النووي، والبدء بمفاوضات مع روسيا والصين، وستعمل على وقف الحرب على اليمن، وحلاً لازمة سد النهضة، وتراجعاً في مواقفها من سورية تمهيداً للانسحاب من سورية والعراق لاحقاً، وإلّا فإنها ستجد نفسها مرة أخرى مضطرة تحت وطأة استمرار التراجع والإنكفاء والخسائر.
بقلم م حيان نيوف