منذ بداية الأحداث في سورية أسرعت الكثير من المنظمات والدول والأجهزة الاستخباراتية والإعلامية إلى إطلاق توصيف “الأزمة” على ما جرى متجاهلين ما أعلن عنه صراحة من قبل الغرب من مشاريع استعمارية كبرى مخصصة لمنطقة الشرق الأوسط؛ هذه المنطقة التي كانت ومازالت مستهدفة لما لها من ميزات جيوستراتيجية تجعلها محط استهداف من الدول الكبر التوسعية ولعل مشروعي الشرق الأوسط الجديد و الفوضى الخلاقة كانا إحداها وأهمها لاضطلاعهما بما جرى بالفترة الأخيرة، وسرعان ما أتضح من خلال عدد التنظيمات المسلحة في الداخل السوري والدول الداعمة لها مالياً وعسكرياً وسياسياً في المحافل الدولية، وحجم العتاد المستخدم ضد الدولة والشعب السوريين؛ أنّ ما تواجهه سورية في جوهره حرب منظمة مخطط لها مسبقاً تم اصطناع أسبابها وتهيئة الظروف الملائمة لها تحوّلت على أرض الواقع إلى حرب بالوكالة نظراً لاستخدام الدول الكبرى والإقليمية للتنظيمات الإرهابية لتحقيق أهدافها الخاصّة والمتضاربة مع غيرها من الدول الطامعة في سورية، فكان ما جرى في سورية حربٌ متداخلة من حيث مستوياتها وأشكالها والمشاركين فيها وأهدافهم هذه الحرب أنتجت الكثير من الأزمات ولم تكن كما روّج لها” أزمة قادت إلى حرب” بل حرب قادت إلى أزمات ذات أثر سلبي على واقع ومستقبل تقدّم وأمن واستقرار الدولة والشعب السوريين.
أولاً: سورية في مرحلة ما قبل الحرب(كيف كانت؟):
تحظى الدراسات البحثية عن واقع الحال بسورية قبل الحرب بكثرة المؤشرات التي توضّح كيف كانت تعيش وإلى أين كانت تمضي لا سيما اقتصادياً، وفي سبيل تصوير بعض مزايا ذاك الواقع تم التركيز على بعض المؤشرات من قبيل ما يلي:
1. كانت الدولة السورية تنعم بالأمن والاستقرار السياسي والأمني والعسكري والمؤشرات كثيرة منها انعدام التدخل الدولي في شؤون السوريين، والتناغم والاندماج الاجتماعي، وانعدام القلاقل الأمنية والتنظيمات الإرهابية، وانتفاء الحركات الانفصالية، وسائر المحافظات وثرواتها تحت سيطرة الدولة، واستحالة ظاهرة التسليح وغير ذلك من المؤشرات التي نجم عنها الكثير من المفرزات الإيجابية منها نمو الاقتصاد لا سيما على صعيد الاستثمارات الأجنبية الذي عاد بالفائدة على الدولة والشعب السوريين.
2. على صعيد الوضع الديمغرافي قدّر عدد سكان الجمهورية العربية السورية في عام 2010م بـ(23) مليون نسمة إلا أن الوضع الديمغرافي تعرّض لرضة قوية نتيجة الحرب الكونية حيث أختلت التركيبة السكانية لعدّة أسباب كان أهمها ضحايا الحرب، والهجرة الخارجية وحالات النزوح، انخفاض عدد الشرائح الشابة، وبالإحصائيات فقد قدّر “المكتب المركزي للإحصاء” عدد السكان المتواجدين على الأراضي السورية بـ24.422 مليون نسمة حتى منتصف 2017م، منهم 11.941 مليون نسمة من الإناث، و12.481 مليون نسمة من الذكور، وبلغ في عام 2021م بلغ عدد سكان سورية 18.2 مليون نسمة، ومن خلال فارق المقارنة بين المعدلين( 2010م-2017م) يظهر بوضوح المنعكسات السلبي للحرب على معدّل السكان في سورية.
3. كان الوضع الاقتصادي هو الأهم والأكثر تأثراً سلباً حيث شكّل عام 2010م حداً فاصلاً بين الخطتين الخمسيتين العاشرة وال11 التي توجّهت خططا لتحقيق معدلات نمو مرتفعة من النمو الاقتصادي بدليل العديد من المعطيات منها:
1- اقتربت مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الاجمالي لسورية حاليا من 70 في المئة، وتم انفاق 700 مليار ليرة سورية على كل من البنى التحتية والتنمية البشرية و300 مليار ليرة على الزراعة والري وتصحيح الخلل في الأجور.
2- المصارف في سورية والتي وصل عددها الى 20 مصرفا منها 11 مصرفا خاصا تقليديا وثلاثة مصارف اسلامية وستة حكومية، وتطوّر قطاع التأمين السوري وفق الخطط المرسومة لتحقيق حجم السوق وصل الى اكثر من 400 مليون دولار ويتوقع ان يتجاوز 500 مليون دولار نهاية عام 2010م.
3- حققت شركات التأمين والبالغ عددها 13 شركة معدلات نمو جيدة مقارنة مع نتائج معدلات نمو هذه الشركات لعام2009م، وارتفع مجموع أقساط التأمين الى 822ر18 مليار ليرة من 308ر14 مليار بنسبة نمو 55ر31 في المئة.
4- بينت هيئة الاستثمار السورية أن عدد المشاريع الاستثمارية المشملة ارتفع من 261 مشروعا 2009 الى 385 مشروعا 2010 بكلفة استثمارية قدرت بنحو 10ر85 مليار ليرة،، كان لقطاع الصناعة الحصة الاكبر ب201 مشروع تلاه النقل 127 والزراعة 42 و 15 مشروعا في الانشطة الاخرى.
5- بلغ عدد مشاريع الاستثمار الأجنبي المشملة 41 مشروعاً بتكاليف استثمارية تقديرية بلغت 8،13 مليار ليرة وجاءت تركيا في المرتبة الاولى بتسعة مشاريع تلتها لبنان بخمسة مشاريع فالكويت والامارات وبريطانيا والعراق وايران والسعودية ومصر وعمان والاردن وفلسطين اضافة الى مشاريع مشتركة بين دولتين.
6- 5- وصل عدد مشاريع الاستثمار الداخلي حجم الاستثمارات في المدن الصناعية الاربع (عدرا) و(الشيخ نجار) و(حسياء) و(دير الزور) الى 3ر480 مليار مئة مليار منها في 2010 وبلغ عدد المنشات الاجمالي 4569 منها 218 دخلت الخدمة والانتاج الفعلي في 2010 من أصل 960 تنتج فعليا وتشغل المنشأة 99 الف عامل.
7- بلغ الانفاق التراكمي على البنية التحتية والاستملاك ومحطات التحويل 7ر27 مليار وحجم الايرادات التراكمية الصافية من بيع الاراضي 6ر21 مليار والتكلفة التقديرية للمدن الاربع 5ر62 مليار.
8- وحسب وزارة الاقتصاد والتجارة تم قبول طلب سورية للانضمام لمنظمة التجارة العالمية بصفة عضو مراقب لتتجاوز المرحلة الاولى باتجاه العضوية الكاملة لاسيما وأنها خطت خطوات عديدة في هذا الاتجاه منها تحرير التجارة الخارجية.
9- ووقعت الاتفاق الاطاري لانشاء منطقة تجارة حرة مع كتلة (الميركوسور) خلال قمة مجموعة دول الميركوسور التي عقدت في مدينة (فوز دي اغواسو) في البرازيل.
10- وصل انتاج الغاز في سورية إلى أكثر من 28 مليون متر مكعب يومياً يتم تزويد وزارة الكهرباء ب20 مليون متر مكعب منها لاستخدامها في محطات توليد الطاقة الكهربائية ما يسهم في التقليل من استيراد مادة (الفيول) وبالتالي توفير مبالغ كبيرة من القطع الاجنبي.
11- احتلت سورية المرتبة 11 في العالم من حيث احتياطيات الفوسفات بمجموع قدره 8ر1 مليار طن ما يجذب بشكل متزايد اهتمام المستثمرين الاقليميين والدوليين.
12- انشئت مصانع جديدة العام 2009م منها مصفاة الشرق الاوسط للسكر وهي ثاني مصفاة لتكرير السكر يديرها القطاع الخاص، وبدأت شركة (لافارج) للإسمنت في سورية بالإنتاج وكانت أوّل شركة خاصّة لصناعة الاسمنت في سورية.
13- وفي المجال الزراعي وقعت وزارة الزراعة والاصلاح الزراعي العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم وتنفيذ الخطط والبرامج وزيادة المساحات الحراجية واستصلاح الاراضي(استصلاح 1788 هكتارا بنسبة تنفيذ 88 في المئة، شق طرق تخديمية بطول 231 كيلومترا بنسبة تنفيذ مئة في المئة).
14- قطاع السياحة: جاءت سورية في المرتبة الثالثة في نسبة النمو السياحي في 2010م حسب تقرير منظمة السياحة العالمية، حيث وصل اجمالي عدد السياح الأجانب الى 378ر2 مليون سائح مقابل 436ر1 مليون سائح عام 2009م بزيادة 941 الف وبمعدل نمو 66 في المئة.
15- قطاع الاتصالات والمعلومات: تم توقيع عقد مع شركة (هواوي) الصينية لتنفيذ 200 الف بوابة حزمة عريضة كمرحلة أولى من المشروع الشامل لشبكة الانترنت وتراسل المعطيات (بي دي ان 2) القادر على خدمة اكثر من مليون مشترك، وتوجت سورية بالمركز الثالث عالميا في مسابقة الاولمبياد المعلوماتي الدولي لأول مرة في تاريخها وذلك بعد حصول الشاب السوري كنان سرميني على الميدالية البرونزية للمسابقة.
ثانياً: سورية في مرحلة ما بعد الحرب(كيف أصبحت؟):
1. خروج العديد من المحافظات السورية عن سيطرة الدولة السورية لغاية إعادتها بالقوة العسكرية نتيجة التحرّكات الإرهابية المدعومة عالمياً من النواحي كافة، ولغاية عام 2022م ما تزال المنطقة الشرقية ذات الأهمية الاستراتيجية بالنسبة لسورية خارجة عن سيطرتها بفعل الوجود الأمريكي ونهب ثرواتها لصالحه، ممّا يحرم الدولة السورية من منافعها.
2. عملت القوى المعادية للدولة السورية أمنياً وعسكرياً على استنزاف مقدرات الجيش العربي السوري باستنزافه بشرياً ومادياً عبر خلق التنظيمات الإرهابية ودعمها بكل حاجياتها المتمثلة ببقائه لأطول فترة ممكنة في منطقة الشرق الأوسط.
3. أصدرت الدولة السورية الموازنة العامة لعام 2020م، بمبلغ إجمالي قدره 9,2 مليارات دولار، وترجع هذه النسبة المتراجعة والمنخفضة مقارنة بعام 2010م إلى الحرب وما تسببت به (الموازنة العامة للدولة للعام 2010م بقيمة بلغت 754 مليار ليرة سورية (16.55 مليار دولار) بزيادة 69 مليار ليرة أي ما نسبته 10%)، حيث تسبّبت الحرب منذ العام 2011 بدمار هائل في البنى التحتية وإلحاق خسائر كبرى بالاقتصاد، وقدرت الأمم المتحدة قبل أكثر من عام كلفة الدمار بنحو 400 مليار دولار.
4. وتراجع الناتج المحلي الإجمالي من 60 مليار دولار قبل الحرب الكونية على سورية إلى نحو 30 ملياراً عام 2017م.
5. أُصيب مصرف سورية المركزي بانهيار كبير في احتياطي العملات الأجنبية لديه، خلال سنوات الحرب، حيث تشير التقديرات إلى هبوطه الهائل من 20 مليار دولار عام 2010م، إلى مليار دولار فقط حالياً، ما يفرض تحديات قاسية على السلطات النقدية والمالية(لؤي بشارة/ فرانس برس).
6. أعلنت الحكومة السورية في نيسان (أبريل) 2010م عن إغلاق ملف الديون الخارجية المُترتبة عليها، في حين بلغ حجم الدين الخارجي بعد الحرب تحديداً فب عام 2014م، حيث توقّع صندوق النقد العربي ارتفاع الدين الخارجي لسورية إلى نحو 11.6 مليار دولار.
7. تسبب الصراع في سورية بخسائر فادحة في الاقتصاد، ما أدى إلى تآكل سبل العيش، وتدمير البنية التحتية وتعثّر إمكانية توفير الخدمات منذ عام 2011م بحسب تقديرات البنك الدولي، فقد تقلّص النشاط الاقتصادي في سورية بأكثر من 60 في المئة بحلول عام 2017 مقارنةً بمستويات عام 2010م وتقدر الخسائر المتراكمة من الصراع بـ 324.5 مليار دولار، وذلك عند مقارنة الناتج المحلي الإجمالي الذي كانت سورية ستحققه في غياب الحرب.
8. فقد تكبدت سورية أكبر تكلفة اقتصادية ناتجة عن العنف في العالم، بقيمة تقدر بنحو 59 في المئة من ناتجها المحلي عام 2020م.
9. انخفضت قيمة مؤشر التنمية البشرية في سورية من 0.644 في عام 2010 إلى 0.567 في عام 2020م، مما يضع البلد في فئة التنمية البشرية المنخفضة – لتحلّ في المرتبة 151 من أصل 189 بلد وإقليم.
10. ارتفع معدل البطالة إلى 55 في المئة مقارنة بالمعدل الرسمي البالغ 8.6 في المئة في عام 2010م.
11. وإدخال قانون قيصر قد أضافا قيودًا إضافية على العلاقات الاقتصادية الخارجية لسورية، مما أدى إلى نقص الوقود وارتفاع الأسعار والانخفاض السريع في قيمة العملة المحلية.
12. ارتفعت أسعار المواد الأساسية في سورية بنسبة 236 في المئة، وذلك مع انخفاض قيمة الليرة السورية. ارتفع سعر النفط من 1000 ليرة سورية في كانون الثاني/يناير 2020، إلى نحو 5000 ليرة سورية في كانون الثاني/يناير 2021م.
13. هناك ما يقارب 13.4 مليون شخص سوري بحاجة الى مساعدة انسانية في عام 2021، في ثاني أسوأ أزمة انسانية في العالم بعد اليمن.
14. ووفقًا لأحدث البيانات الصادرة عن الامم المتحدة، يعيش أكثر من 83 في المئة من السوريين تحت خط الفقر، مقارنة بنسبة 28 في المئة في عام 2010م، وهذا فيما يشير مؤشر الفقر المتعدد الأبعاد الذي يتضمن مؤشرات تتعلق بالصحة والتعليم مستوى المعيشة إلى أنّ معدل الفقر الوطني يبلغ 38.9 في المئة في سورية.
15. أثرت الأزمة بشكل كبير على نظام تقديم خدمات الرعاية الصحية وأدّت إلى استنزاف العاملين الصحيين في جميع أنحاء البلاد، حيث أنّ 46 في المئة من المستشفيات والمرافق الصحية الأولية لا تعمل أو تعمل بشكل جزئي.
ثالثاً: نتائج المقارنة بين مرحلتي ما قبل وبعد عام 2011م:
إنّ المقارنة بين وضع سورية قبل اندلاع الحرب وما بعدها استناداً إلى ما تم إيراده من معطيات مدعمّة بالأدلّة والإحصائيات يضع توصيفاً دقيقاً لما آلت إليه الأوضاع في سورية من تراجع وتدهور على شتى المستويات الاقتصادية والديمغرافية والسياسية والاجتماعية والأمنية والعسكرية علاوة على الثقافية وكان من أبرز سمات هذا التراجع تعدد مستوياته وشموليته والأثر البالغ على تطوّر سورية.
رابعاً: إلى أين كانت سورية تمضي؟
كانت سورية تمضي إلى مصاف الدول الإقليمية الفاعلة في المنطقة العربية خاصّة ومنطقة الشرق الأوسط ككل استناداً إلى مقومات القوة لديها سواء الجغرافية والديمغرافية والعسكرية والاقتصادية والبشرية، ولكن استهدافها حال دون ذلك، ولا نتحيز إذا نقول أن لاستهدافها كان أسباباً داخلية كما كان له أسباباً خارجية ومن قبيل المراجعة نذكر من جملة هذه الأسباب ما يلي:
أولاً: بعض الأسباب السياسية: كان لاستهداف سورية أسباباً عامة ترتبط بمصالح سياسية وأمنية واقتصادية للولايات المتحدة الأمريكية ومشاريعها لترتيب البيت شرق الأوسطي، وتقسيم سورية على أساس طائفي وضرب مكاسب وإنجازات المقاومة ومفهوم المشروع القومي العربي والتخريب الأيديولوجي للعقيدة الإسلامية وعرقلة ولادة عالم متعدد الأقطاب، ومنها أسباب ذاتية سياسية الطابع لها علاقة بخيارات سورية كموقفها من المشروع الصهيوني، وتبنيها لخيار المقاومة ورفضها الإملاءات الأمريكية، وقدرتها على إنتاج تحرر وطني عربي برؤى جديدة مواكبة للتحولات الكبرى.
ثانياً: بعض الأسباب الاقتصادية: تندرج أغلب هذه ضمن سياق التنافس على إمدادات الطاقة، حيث تقدّم الخليجيون اقتراح على سورية في عام 2010م لإقامة خط للأنابيب يمتد من الإمارات والسعودية عبر الأراضي السورية وصولاً إلى تركيا بغية تزويد أوروبا بالغاز ، على عكس إيران التي أرادت هي أيضاً بناء خط للأنابيب يصل عبر سورية إلى السوق الأوروبية دون المرور بتركيا، حيث حظي بموافقة دمشق على المشروع الإيراني عام 2011،حيث ذهبت من أيدي الخليجيين وتركيا أرباح ضخمة، فتحالفوا جميعاً ضد دمشق، وكثفوا دعمهم للمتمردين عبر مساندتهم عسكرياً ومالياً.
ثالثاً: بعض الأسباب الجيوسياسية: إن الصراع الحالي ينطلق من دراسات مستقبلية دقيقة للأطراف الخارجية على أساس ما ستحتاجه دولهم من مقومات الاستمرار في النهوض والهيمنة عموماً، وما الصبغة العسكرية سواء الحروب والأسلحة المتطورة وغيرها إلا أداة فقط ذات أهمية راهنة بعين من يستخدمها مقارنة بما ستحققه جراء استخدامه فيما بعد، وهنا نذكر قول وولفوتيز– نائب وزير الدفاع الأمريكي عندما سئل بعد غزو العراق مباشرة عن السبب في اجتياح العراق بدلا من كوريا الشمالية التي اعترفت علنا أن لديها أسلحة دمار شامل قال: “إن العراق يطفو على بحيرة من النفط” ، ومن هنا فسورية صاحبة الميزات العالية الجيوسياسية الجيبوليتيكية لولا هذه الميزات لما كان الصراع العالمي من قبل دول كبرى عليها.
خامساً: مفرزات الحرب على سورية:
إنّ أبرز ما يلفت الانتباه في الحرب على سورية عدد الدول المنخرطة في هذه الحرب وتفاوت درجات تقدمها بين دول إقليمية وعالمية على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية التي يندرج اشتراكها في استهداف سورية ضمن أهداف استراتيجيتها في منطقة الشرق الأوسط ككل والمنطقة العربية خاصة الي أهمها تحقيق أمن اسرائيل التي تعتبر بمثابة ضابط أمن المصالح الأمريكية في المنطقة العربية، حيث جاء استهداف سورية عسكرياً لاستنزاف جيشها الذي يشكل الخطر الأكبر بالنسبة للجيش الصهيوني بالنظر للعقيدة السياسية والعسكرية التي تعتنقها القيادة السورية ليزول بذلك أي خطر أمني يحيط بإسرائيل وليكون ضمانة لاستمرارها لأطول فترة ممكنة في ظل الاستسلام الذي يسود الصف العربي لإسرائيل بداية بمصر التي تنصّب نفسها كأكبر زعامة سياسية للدول العربية وصولاً لدول الخليج والتي دخلت بغالبيتها باتفاقيات تطبيع مع “اسرائيل” لتبقى سورية وحدها بالميدان بأيديولوجية الممانعة التي كانت سبباً في الحرب الاقتصادية والعسكرية والثقافية ضدها وضد شعبها أينما حلو في بقاع الكر الأرضية، ليبقى تعويل سورية على حلفائها لا سيما الإيراني الذي يعتنق ايديولوجيا المقاومة بدرجة أشد من الحليف الروسي البراغماتي بشدّة هذه التحالفات التي استطاعت ابقاء سورية وشعبها على قيد الوجود منذ عشر سنين، ولم تخضع سورية لشروط التطبيع مع الأمريكي والاسرائيلي ، ولم تتحول سورية بوابة اقتصادية لخطوط الطاقة الأمريكية والأوربية والخليجية المطواعة، ولكن لم تعد سورية تشكل قوة عسكرية تستطيع بواسطتها استعادة الجولان ولواء اسكندرون ولا المنطقة الشرقية من الأمريكي بالقوة ولا إخراج التركي من الشمال، لأن الجيش العربي السوري كان الأساس والحامل الذي قامت عليه سورية ودامت به، وهو المستهدف بالدرجة الأولى بعقيدته وقيمه وطموحاته العروبية، وببساطه شديدة نجح أعداء الداخل والخارج بخلق شرخ بين ماضي سورية وحاضرها ولكن لا بد سيكون للمستقبل السوري كلمته المؤثرة والمنتقمة مما سلف.
قائمة المراجع:
1. شعبة السكان التابعة لإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمانة العامة للأمم المتحدة. 2019م، 24/نيسان/أبريل/2021، التوقعات السكانية في العالم.
2. تقرير اقتصادي صادر عن وكالة الأنباء الكويتية(كونا) بعنوان: تقرير حول مؤشرات نمو الاقتصاد السوري في عام 2010م، تاريخ النشر في 11/5/2011م.
3. البنك الدولي. 2020. البنك الدولي في سورية، عرض عام، تاريخ 26 نيسان/أبريل 2021م.
4. معهد الاقتصاد والسلام. 2020. مؤشر السلام العالمي: قياس السلام في عالم معقد.
5. برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، قاعدة بيانات مؤشر التنمية البشرية، تاريخ النشر نيسان/أبريل 2020م.
6. مجموعة التوجيه الاستراتيجية لسورية بكاملها (SSG). آذار/مارس 2019. خطة الاستجابة الإنسانية 2019. الجمهورية العربية السورية.
7. برنامج الغذاء العالمي للأمم المتحدة. شباط 2021. اثنا عشر مليون سوري الآن في قبضة الجوع، أنهكهم الصراع وارتفاع أسعار المواد الغذائية [أونلاين]. 23 نيسان/أبريل 2021.
8. مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. 2019. أرقام مفتاحية. [أونلاين]. 23 نيسان/أبريل 2022
بقلم الدكتور ساعود جمال ساعود