في إطار متابعة الحوار السعودي الإيراني في بكين في 10 مارس من هذا العام، التقى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود ووزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في بكين يوم 6 أبريل. وكان هذا أول اجتماع رسمي بين وزيري خارجية البلدين منذ أكثر من سبع سنوات. حيث شهد وزير الخارجية الصيني تشين قانغ عقب الاجتماع توقيع بيان مشترك بين السعودية وإيران، وأعلن الجانبان خلاله استئناف العلاقات الدبلوماسية بأثر فوري. وقالا إنهما سيعملان على تعزيز تنفيذ اتفاق بكين وتحسين العلاقات الثنائية باستمرار وكذا التعاون من أجل حماية السلام والأمن والاستقرار في المنطقة.
إنها خطوة صغيرة لمصافحة السعودية مع إيران من أجل السلام، لكنها أيضا خطوة كبيرة للبشرية لتجاوز النزاعات وتحقيق المصالحة. فتح حوار بكين صفحة جديدة في العلاقات السعودية الإيرانية، ويوفر ضمانا أقوى للحفاظ على السلام والاستقرار على الصعيد الإقليمي، ويقدم نموذجا مهما لدول العالم لحل النزاعات من خلال الحوار والتشاور، ويقدم أيضا ممارسة رائعة لتدعيم مبادرة الأمن العالمي وكذلك لبناء مجتمع مصير مشترك للبشرية.
مع كسر جليد العلاقات السعودية الإيرانية، تتسارع المصالحة بين دول الشرق الأوسط. ويعتبر الحوار الأول بين السعودية وسوريا منذ عام 2012 من قبل العالم الخارجي “لحظة تاريخية” أخرى بعد استعادة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، واتفقت مصر وتركيا على استئناف العلاقات الدبلوماسية على مستوى السفراء في أسرع وقت ممكن، كما تعمل إيران على إصلاح العلاقات المقطوعة مع عدة دول عربية. بالإضافة إلى ذلك، فإن المصالحة بين البلدين ستجلب الأمل في السلام إلى اليمن الذي مزقته الحرب. من منظور المنطقة، في السنوات الأخيرة، أصبح “السعي لتحقيق السلام والتنمية” الصوت الرئيسي لبلدان الشرق الأوسط، كما أنه عزز رغبة البلدان في حل النزاعات.
بينما كان “تيار المصالحة” في الشرق الأوسط لا يزال مستمرا، عقد الرئيس الصيني شي جين بينغ، في نفس اليوم، أي 6 أبريل، اجتماعا ثلاثيا مع الرئيس الفرنسي ورئيسة اللجنة الأوروبية، مؤكدا أن موقف الصين بشأن القضية الأوكرانية ثابت وواضح. ويتعلق الأمر بشكل أساسي بتسهيل محادثات السلام والتسوية السياسية. وقال ماكرون وفون دير لاين إنهما يقدران جهود الصين لتعزيز تسوية سياسية، ويتطلعان إلى أن تلعب الصين دورا أكثر أهمية. كما قالا إنهما مستعدان للعمل مع الصين لإيجاد طريقة لتسهيل محادثات السلام. صرح مصدر من القصر الرئاسي الفرنسي للصحفيين في 31 مارس أنه بالنظر إلى العلاقة الوثيقة مع روسيا وأوكرانيا، فإن “الصين هي واحدة من الدول القليلة على وجه الأرض، وربما الدولة الوحيدة في العالم، التي يمكن أن تمارس تأثير “تغيير اللعبة” على الصراع بين روسيا وأوكرانيا.
قد نشهد اتجاها من الدول بشكل متزايد نحو بكين لأنها لم تعد تتطلع إلى واشنطن للمساعدة في تسوية النزاعات.
في السنوات الأخيرة، واصلت الصين في إطلاق مبادرات إيجابية من أجل السلام والاستقرار. طرحت الصين على التوالي مبادرة من خمس نقاط حول تحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، واقتراحًا من أربع نقاط للتسوية السياسية للقضية السورية، ورؤية من ثلاث نقاط لتنفيذ “خطة الدولتين “بين فلسطين وإسرائيل، ومبدأ من أربع نقاط يتبع في القضية الليبية. وفي الآونة الأخيرة، قدمت مساهمة هامة في إحراز نتائج بارزة لحوار بين السعودية وإيران في بكين. وحول الأزمة الأوكرانية، أصدرت الصين وثيقة “موقف الصين من الحل السياسي للأزمة الأوكرانية”، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية زاخاروفا إن روسيا تقدر بشدة رغبة الصين في المساهمة في الحل السلمي للنزاعات وتتفق مع أفكار الصين؛ وقال الرئيس الأوكراني زيلينسكي إن بعض عناصر خطة السلام الصينية يمكن أن تشكل الأساس لمناقشات حول المصالحة في أوكرانيا.
في مواجهة التحديات العالمية المتعددة الأشكال، أصبح المجتمع الدولي أكثر وعيا بأن البشر يعيشون في نفس القرية العالمية وينتمون إلى مجتمع مصير مشترك. تقدم مبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية، والتي هي تجليات ملموسة لهذا المفهوم، الحلول الصينية للمشاكل العالمية توضح للناس أهمية ضمان الأمن من خلال التنمية، كما يجب ضمان التنمية من خلال الأمن وليس من خلال الحرب والهيمنة.
بقلم تيان جيانينغ
إعلامية صينية من قناة CGTNArabic