بقلم بشار الخضري
عروبة سورية والإرادة
تنشأ الحالة الحضارية والمعرفية بفعل تراكمي لعدة عوامل أهمها، إرادة أصحابها وقدرتهم على استيعاب نتاج تحالف المكان والزمان (أعني أصحابهما)، ومن ثم التمسك بالمستوى الأرقى و المناسب لاستمرار حياة المجتمع من حيث الكرامة والسيادة و الاستقلال واستمرار الحضارة، وهذا مانلحظه بوضوح في تاريخ العرب السوريين و حالة الفصل بين التاريخ والجغرافيا وبين الأفراد وإرادتهم حالة مرضية يجب معالجتها والوقاية منها، ونقول لمن يظن وجود فرق بين العرب وسورية وإرادة الحضارة، أن محاولات التأريخ تتوه في تحديد بداية هذا اللقاء والتوافق، ونورد مثالاً مانقله المؤرخ العربي جرجي زيدان (كتاب العرب قبل الإسلام ) عن المؤرخ الإغريقي اليوناني هيرودتس الذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد والذي عرف بأبو التاريخ : ” أما في التاريخ القديم فكانوا يريدون بالعرب أهل البادية في القسم الشمالي من جزيرة العرب، وشرقي وادي النيل في البقعة الممتدة بين الفرات في الشرق والنيل في الغرب، ويدخل فيها بادية العراق والشام وشبه جزيرة سيناء، ومايتصل بها من شرقي الدلتا والبادية الشرقية بمصر بين النيل والبحر الأحمر، ” ونجد المؤرخ العالمي غوستاف لوبون (كتاب حضارة العرب) يشير إلى أن سورية جزء من جزيرة العرب وليست منفصلة عنها وذلك بقوله : ” جزيرة العرب هي مهد الإسلام ،وهي منبت الدولة الواسعة التي أنشأها خلفاء محمد ،ويتألف القسم الأكبر من جزيرة العرب من صحار، ويحيط بها البحر الأحمر من الغرب، وبحر عمان والخليج الفارسي من الشرق، والمحيط الهندي من الجنوب، وتتصل من أقصى غربها وشرقها بإفريقيا وآسيا وأما حدها الشمالي فغير واضح وهو يمتد تقريباً باتجاه الخط الذي يبدأ من مدينة غزة الفلسطينية الواقعة على ساحل البحر المتوسط، مارا بجنوب البحر الميت فدمشق فالفرات، وينتهي بخليج فارس، ونظراً لما وجدناه من حضارة للعرب الكنعانيين في بناء القدس، وللعرب الفينيقيين في نشر الأبجدية وتأليف الموسيقى وللعرب البابليين في تشريع القوانين، فإن عروبة سورية يجب أن تكون قرار وإرادة فضلا عن أنها حقيقة.