منذ أن ضربت الفاجعة قلب الأراضي السورية، عاجل الحلفاء للمساهمة في تدارك الأوضاع الإنسانية قدر المستطاع، ولا عجب أن يكون الصديق الصيني في المقدمة، حيث أعربت الصين عن تعازيها لأسر الضحايا، وقلقها بشأن الخسائر في الأرواح والممتلكات، واستعدادها لإرسال مساعدات إنسانية عاجلة إلى سورية.
تبع ذلك قرار جمعية الصليب الأحمر الصينية التبرع بمبلغ 200 ألف دولار أمريكي نقداً لمنظمة الهلال الأحمر السورية، كمساعدات إنسانية طارئة بالترافق مع المعنويات التي تسهم لحد ما رغم ضألته بتقليل أثر المصاب، إذ نقلت وكالة شينخوا عن تشن تشو رئيس جمعية الصليب الأحمر الصيني قوله خلال رسالة تعاطف أرسلها لمنظمة الهلال الأحمر السوري: إن “الجمعية الصينية تتابع أعمال الإغاثة في المناطق المنكوبة جراء الزلزال العنيف، وتتعهد بتقديم المزيد من المساعدات الإنسانية إذا لزم الأمر”.
وعلى الصعيد الشعبي انطلقت في الصين حملات شعبية ومؤسساتية لجمع تبرعات مادية وعينية، بالتعاون مع الجالية والسفارة السورية في بكين، تعبيراً عن مساندة الشعب الصيني ودعمه لسورية في تجاوز الأوضاع الصعبة التي تمر بها، كما بحث سفير سورية في الصين محمد حسنين خدام خلال اجتماع مع ممثلي الجالية السورية آلية توصيل المساعدات إلى سورية في أسرع وقت ممكن.
الشريحة المثقفة لم تلتزم الحاد السلبي بل زجت ذاتها في أوساط الأكاديميين وعبرت عن التضامن ودعوات التآخي والتعاضد مع الصديق السوري، فوفقاً لروسيا اليوم الدكتور منصور يي باي محاضر اللغة العربية في جامعة اللغات والثقافة في بكين التعازي بضحايا الزلزال، وقال: “أشعر بالتعاطف مع الشعب السوري وأتمنى أن يتجاوز هذه المحنة بقوة”، داعياً المجتمع الدولي للعمل على رفع العقوبات الاقتصادية عن الشعب السوري ورفع العراقيل التي تعيق وصول المساعدات الإنسانية اللازمة إلى المنكوبين في سورية في أسرع وقت.
وعلى صعيد العوائق التي تمنع وصول المساعدات الدولية إلى الشعب السوري، فقد طالبت الصين الولايات المتحدة بالرفع الفوري للعقوبات أحادية الجانب المفروضة على الشعب السوري، نظراً لدورها الجوهري في عدم السماح للمجتمع الدولي بتقديم المساعدة الإنسانية الطارئة لضحايا الزلزال الكارثي، وتجنب المزيد من التدهور في الوضع الإنساني.
وحول أسباب تفاقم الأزمة الإنسانية في سورية فقد أرجعت ماو نينغ المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية خلال مؤتمر صحفي اليوم حسب وكالة شينخوا الأسباب إلى الممارسات العدوانية والغير قانونية التي تنفذها الولايات المتحدة الأمريكية في سورية :” تسبب الاحتلال العسكري الأمريكي لجزء من الأراضي السورية والإجراءات الاقتصادية القاسية بخسائر كبيرة بين المدنيين، وأدت إلى حرمان الشعب السوري من الضروريات الأساسية للحياة وعرقلة التنمية الاقتصادية وإعادة الإعمار فيها”، وأشارت المتحدثة إلى أن قوات الاحتلال الأمريكي لا تزال تحتل حتى اليوم حقول النفط الرئيسية في سورية، وتنهب أكثر من 80 بالمئة من إنتاج النفط السوري، وتقوم بتهريب وإحراق مخزون الحبوب الاستراتيجي في سورية، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية فيها.
وبالنسبة للمساهمة الصينية بمساعدة سوريا بالرقم فقد قالت: إن بلادها وتعبيراً عن وقوفها إلى جانب سورية وشعبها قررت تقديم 30 مليون يوان 4.4 ملايين دولار من المساعدات الإنسانية الطارئة لسورية، تتضمن مليوني دولار من المساعدات النقدية وإمدادات إغاثة طارئة.
وبالإضافة إلى ما ذهبت إليه السيدة ماو نينغ فإنه يمكن القول أن الدور الأمريكي بعرقلة وصول المساعدات إلى سوريا تجلى أيضاً بممارستها النفوذ على حلفائها ومنعهم من الاقتراب من السماء السورية، ويكفينا ألم كسوريين عندما رأينا منظر الطائرات المساعدات تملئ أجواء تركيا بينما قلة قليلة هبطت إلى سورية، ولعل هذه الهزة الأرضية؛ هزة لعقولنا وليس لقلب الأرض كي نستيقظ من ثبات القيم الليبرالية التي تتبناها بعض الدول ليس كمعتقد سياسي ايديولوجي بل كأغاني لرقص الديسكو لا أكثر، حيث يصدقها بعض المعتوهين، وتذهب من عهرها، بعض المنظمات الدولية لإجبار الدول وتقييدها بها والتدخل عسكرياً بدعوى خرقها، لنصل إلى صوابيه الرؤى السياسية الداعية لوضع شعارات التحرر والإنسانية والدمقرطة تحت الأقدام والدعس عليها، واستخدام الدواء المناسب من الداء، فلا يرد المكر إلا المكر ولا يجابه القوة إلا القوة، ولقد وجب على السياسي السوري بعد هذه الحادث المؤسف الذي تواكب بكسر الخواطر أن يطبقوا مبدأ التعامل بالمثل بحذافيره لطالما أنه لا قدرة عسكرية ولا اقتصادية يملكونها، تمكنهم من دعس من عاث فساداً في الجغرافيا السورية، لتبقى الدبلوماسية وسيلتنا الوحيدة لرد الإعتبار.
د.ساعود جمال ساعود