وصل الرئيس الصيني شي جين بينغ بتاريخ السابع عشر من تشرين الثاني لحضور الاجتماع الـ29 للقادة الاقتصاديين لمنتدى التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا- الباسيفيك (أبيك) الذي تبرز الصين وروسيا أبرز أعضائه، كما أنّه سيكون الفرصة الثانية التي تجمع الصيني بنظيره الأمريكي، ومن المقرر عقده في تايلاند خلال يومي الجمعة والسبت، تحت عنوان “انفتاح، تواصل، توازن”، حيث أدلى شي بتصريحات في كلمة مكتوبة أمام قمة الرؤساء التنفيذيين للمنتدى ، دعا فيها إلى بذل جهود مشتركة في فتح آفاق جديدة إزاء تطوير وبناء مجتمع مصير مشترك لمنطقة آسيا- الباسيفيك، وقدم شي مقترحاً من ست نقاط في هذا الصدد، وهي تدعيم أساس التنمية السلمية، واتباع نهج تنمية متمركز حول الشعب، والسعي إلى الانفتاح عالي المستوى، والسعي لتحقيق مستوى أعلى من الارتباطية، وبناء سلاسل صناعة وإمداد مستقرة وبدون عوائق، وتعزيز التحديث الاقتصادي.
والجدير بالذكر أن أهمية هذا المؤتمر تكمن بوصفه المعبر الرئيسي لتعزيز النمو الاقتصادي والتعاون والتجارة والاستثمار في أسيا والمحيط الهادئ هذه بغيه الوصول الى مستوى متقدم من النمو الاقتصادي في ظل الظروف الدولية المتوترة، التي سبق وأن شهدت محاولات أمريكية لترسيخ وجودها في هذه منطقة أسيا – الباسفيك، حيث لم تمضي بضعة أشهر على صدور إعلان خطير عن البيت الأبيض الأمريكي جاء فيه: “أن قادة المحيط الهادئ، يرحبون بالتزام الولايات المتحدة بتعزيز مشاركتها، بما في ذلك من خلال توسيع وجودها الدبلوماسي، والعلاقات بين شعوبنا، والتعاون الإنمائي للولايات المتحدة في جميع أنحاء المنطقة”. فقد سبق أن تعهدت الولايات المتحدة ودول جزر المحيط الهادي بتعزيز شراكتهما ، وسط مخاوف دوائر صنع القرار الأمريكي من تعاظم دور الصين المحوري في المنطقة، الأمر الذي يجعل هذا المؤتمر فرصة لتلافي التوترات السياسية خصوصاً بين الطرفين العضوين الصيني والأمريكي عبر وتعزيز التعاون والتنمية وتبنّي نهج سلمي يعزز السلم والاستقرار في منطقة لمنطقة آسيا- الباسيفيك، كخطوة رديفة للتهدئة التي شهدتها قمة العشرين لا سيما بعد الرضوخ الأمريكي للصين ودعوتها على لسان الرئيس بايدن لفتح قنوات للتواصل وتجنّب الوصول إلى حد الصراع، هذه الرضوخ الذي تعددت أسبابه ولعل أبرزها رسالة الرئيس الصيني الذي أرتدى منذ أيام بزته العسكرية بعد سلسلة من التدخلات الأمريكية بالشؤون الداخلية الصينية عبر البوابة التايوانية الأمر الذي قابلته الصين بصرامة أرعبت قلوب خصومها وجعلتهم يسرعون لتخفيف التوتر وتجنب التصعيد مع العملاق الأسيوي، هذا ويأتي انعقاد هذا المؤتمر بالتعاقب مع الفراغ من عقد قمه العشرين، التي ضمّت الولايات المتحدة الأمريكية وزمره من الدول الأوروبية التي اعتادت خلال الفترات السابقة لمنتدى إيبك ، أن تشكّك في فعاليته وعدالته ودوره.
ومن المفترض أن يركز المنتدى على آلية التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ للتعامل مع الاضطرابات المستقبلية، التجارة والاستثمار والتكامل الاقتصادي الإقليمي، الاتصال وتكنولوجيا المستقبل، الاهتمام العالمي المشترك الذي يشمل أهداف التنمية المستدامة (SDGs)، وتوزيع مشكلة الدخل من كوفيد 19، وتغير المناخ والطاقة، والاستثمار البيئي والسلع والخدمات، والمشاكل الأمنية المحتملة مستقبلاً لا سيما الأمن الغذائي، ومن المتوقع أن يلعب المنتدى دوراً هاماً في رأب الصدع الحاصل عالمياً بخصوص تعزيز التعاون الدولي وتخفيف التوترات السياسية وتجنب مفرزاتها السلبية على الأمن والسلم الدوليين.
رئيس مركز الدراسات في مرصد طريق الحرير د. ساعود جمال ساعود