في الشهر الثاني من عام 2021م، حذر الرئيس الأمريكي جو بايدن من أن الصين ستدفع ثمنا جراء انتهاكاتها لحقوق الإنسان وذلك خلال الرد على استفسارات في لقاء جماهيري بشأن تعامل بكين مع الأقليات المسلمة في منطقة شينجيانغ في أقصى الغرب.
وفي سورية دافعت السياسة الأمريكية عن فريق القبعات الزرق الذي ثبت انه تابع لجهات خارجية، وبالوقت الذي دعمت فيه الإرهابيين بالأسلحة كانت تطالب باحترام حقوق الأنسان حسب زعمهم.
والأمس في طهران 20/سبتمبر /2022م كتب مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان في تغريدة قائلاً: “سنواصل تحميل المسؤولين الإيرانيين المسؤولية عن مثل هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان، فيما رد أمير عبد اللهيان بأنّ المسؤولين الأمريكيين يعتبرون حقوق الإنسان “أداة ضد الخصوم”.
ليأتي الرد من وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الذي حث الولايات المتحدة يوم الثلاثاء على إنهاء “إرهابها الاقتصادي” ضد الإيرانيين بدلا من ذرف “دموع التماسيح” على وفاة امرأة إيرانية.
أدلى أمير عبد اللهيان بهذه التصريحات ردا على قلق واشنطن، وقال “بدلا من ذرف دموع التماسيح، يتعين على الولايات المتحدة إنهاء الإرهاب الاقتصادي” ضد الإيرانيين.
استغلت الولايات المتحدة الأمريكية وفاة الشابة محساء أميني التي تبلغ من العمر 22 عاماً، لتحقق من ورائها مكاسباً سياسية قذرة، ولكن دون جدوى بعد انكشاف استخدامها لهذا الملف وتسيسه ضد من تعتبرهم أهدافاً لها، ولا تكشف هذه الازدواجية إلا عن منطق القوة والإدانة السياسية الذي تستخدمه أمريكا كسلاح.
إن شعور الانكشاف لدى الأمريكي ووضوح سياسات القوة والتحيز لديهم كان الدافع وراء مغادرة هذا المنتدى الحكومي الدولي الذي يتخذ من جنيف مقراً له في عام 2018، تحت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وأشار مسؤولون أمريكيون آنذاك، إلى أن “التحيّز المستمر للمجلس ضد إسرائيل” وسجلات حقوق الإنسان المتعلّقة ببعض الدول الأعضاء والمشكوك بمصداقيتها هي التي دفعت الإدارة الأمريكية إلى سحب عضويتها من المجلس حينها.
ولكن تجدد الدور الذي لا تستطيع التخلي عنه من ناحية الاستخدام السياسي، عادت الولايات المتحدة الى مجلس حقوق الإنسان في العام الماضي كعضو مراقب، قبل أن يتم انتخابها كعضو يحق له المشاركة في الاقتراع لمدة ثلاث سنوات ابتداء من عام 2022م.
والسؤال الذي يطرح نفسه ألا تنتهك أمريكا ذاتها حقوق الإنسان ؟ والجواب بل والشواهد لا تعد ولا تحصى يكفي ذكر ما تناقلته بعض المصادر التي تُعنى بتجميع الأدلة على إدانة الأمريكي فيما يخص حقوق الإنسان، وهي توفي جورج فلويد، وهو أمريكي من أصول أفريقية، بعد أن جثا ضابط شرطة أبيض على عنقه بوحشية، ما فجر موجة غضب على مستوى البلاد، واندلعت احتجاجات واسعة من أجل العدالة العرقية في 50 ولاية، وقمعت الحكومة الأمريكية المتظاهرين بالقوة، وأُلقي القبض على أكثر من 10 آلاف شخص، وتعرض عدد كبير من الصحفيين للاعتداء والتوقيف دون سبب.
والأمر المزعج والمستغرب في ظل العجز عن مقاومة الأمريكي بالقوة لماذا لم يقم تحالفات دولية إعلامية مخصصة لفضح التحيز والانتهاك الأمريكي لحقوق الإنسان في الداخل الأمريكي ، رغم تقدير الجهود التي تقوم بها وسائل إعلامية بشكل فراديه، لأن عدم عملها بشكل جمعي يضعف تأثيرها الإيديولوجي وتوجهها السياسي ويبقى هذا الجهد إعلامي وقانوني بحث، وبالتأكيد سيتلقى الكثير من الصدمات على يد المنظمات الدولية الموالية للأمريكيين وحلفائهم.
تعليق الدكتور: ساعود جمال ساعود