القول بأن مصر ستلجأ الى العمل العسكري لمعالجة أزمة سد النهضة، هو أمر بات مشكوكاً به، بسبب التأخر المصري في المعالجة، الخيار العسكري يعني أن مصر ستقوم بتنفيذه بإحدى الوسيلتين :
الأولى :عبر القصف الجوي
الثانية :عبر الهجوم البري من السودان
في كلا الحالتين هناك معوقات كبيرة وعوائق لا بد من أخذها بالاعتبار، إثيوبيا التي استهزأت بمناورات نسور النيل 1 و 2، وهددت بالرد على أي اعتداء، وتصر على الملء الثاني لم تبن موقفها من فراغ .
فبالإضافة إلى أن كل الأطراف الخارجية من الولايات المتحدة إلى الصين مرورا بدول حوض النيل والخليج واسرائيل، كلها تدعم الموقف الإثيوبي سراً أو علناً، فإن إثيوبيا حرصت مؤخراً على امتلاك أعداد هائلة من الطائرات المسيرة من اسرائيل وتركيا، وقامت بتوريدها تحت اسم درونات للاستخدام الزراعي.
هذا يعني أن إثيوبيا ستلجأ لاستخدامها لضرب العمق المصري في حال قامت مصر بعمل عسكري، وربما تهدد اثيوبيا بضرب السد العالي.
بالإضافة لذلك فمصر التي تعول على السودان عليها أن تدرك أن السودان سينقلب عليها في النهاية، وسبق له أن أفشل المفاوضات اكثر من مرة بدون التنسيق مع مصر.
ونستدل على ذلك بما قاله آبي أحمد تعليقا على مناورات نسور النيل السودانية المصرية: الحدث نفسه لا يستدعي النظر إليه بعين الريبةأو الشك وإعطاءه أي قيمة، لأننا على قناعة تامة بأنه لن يأتي إلينا أي شر من قبل الحكومة السودانية.
الإطمئنان الإثيوبي طبيعي، وتفسيره يستند إلى علم “آبي أحمد “بأن القيادة السودانية الحالية ليست إلا مجموعة من الشراذم والعبيد لدى حليف اثيوبيا الأول، ولقصد الكيان الصهيوني ومن خلفه “بن زايد”.
ويكفي لذلك أن نذكر ما كشفته صحيفة “يديعوت احرنوت” الصهيونية، من أن رئيس الوزراء السوداني “عبدالله حمدوك” قام بتمرير التطبيع مع اسرائيل مقابل رشوة حصل عليها، وهي عبارة عن منزل فخم في ( مالبيو / كاليفورنيا ) دفع ثمنه البالغ 5 مليون دولار من قبل “محمد بن زايد” وعبر الوسيط اللبناني “جورج نادر”.
قصف سدّ النهضة لا يعني أن مصر ستضمن حصتها في النيل فقط، بل يعني أن مصر ستتحرر من تعبات التزاماتها مع اسرائيل وأميركا والأعراب منذ كامب ديفيد حتى مندى غاز شرق المتوسط، مرورا بِقروض البنك الدولي واتفاقية الكويز و مشروع نيوم و تيران وصنافير و ابراهام و الشام الجديدة …الخ
لأجل كل ذلك لن يقصف السيسي سد النهضة.
المضحك المبكي هو أن القيادة المصرية التي طبلت وزمرت لاتفاق التطبيع السوداني، لا تريد أن تقتنع إلى الآن، أن كل دول حوض النيل التي تعوّل عليها لمواجهة إثيوبيا بما فيها السودان، ليست سوى اذرع صهيونية تعمل ضد مصر ..! وأنه لا سبيل أمام مصر مهما حاولت حلّ مشاكلها عبر (دول الخليج او دول حوض النيل او الولايات المتحدة واوروبا )، سوى التوجه إلى سورية عربياً وإلى روسيا والشرق، وإلا فإن الوضع سيكون أسوأ في قادم الايام.
بقلم م.حيان نيوف