إنّ التصرّفات الأمريكية ازاء الصين تحتا يج الى تفسير وتحديد لأسبابها لان الامريكي على ما يبدو مجبر راضخ في علاقته ازاء الصين تحتاج إلى تفسير وتحديد لأسبابها، لأنّ الأمريكي على ما يبدو مجبر وراضخ في علاقته إزاء الصين ولا تنم مواقف قادته عن رضى، ولا أدل على ذلك من سلسله التصرّفات السياسية والاقتصادية والعسكرية التي تصدر عن الأمريكي تجاه الصين، والتي نوضحها كما يلي:
أولاً: من الناحية الاقتصادية: وافق مجلس النواب الأمريكي بتاريخ 13/1/2023م على مشروع قانون يحظر بيع النفط من الاحتياطي الاستراتيجي الأمريكي إلى الصين، الأمر الذي أثار استياء الجانب الصيني ودفع وانغ ون بين المتحدّث باسم الخارجية الصينية لدعوة الجانب الأمريكي للتخلي عن عقلية الحرب الباردة واللعبة الصفرية والتحيّز الايديولوجي وخلق أعداء وهميين.
ففيما يخص تعامل الولايات المتحدة الأمريكية بعقلية الحرب الباردة، فبعد يوم من اتفاق واشنطن وطوكيو على تعزيز التعاون الأمني بينهما، وإعلان وزير الدفاع الأمريكي استعداد بلاده لاستخدام قدراتها النووية للدفاع عن اليابان، وكانت طوكيو قد غيّرت عقيدتها العسكرية من دفاعية الى هجومية وقررت مضاعفة ميزانيتها العسكرية.
، وبخصوص اللعبة الصفرية الأمريكية، فهي تتجلّى في ظل المحاولات الأمريكية المستمرة لتقويض النظام الاقتصادي الدولي، مشيرة إلى قيامها بتسييس القضايا التجارية والاقتصادية.
وبالنسبة للتحيّز الأيديولوجي التي تعمل الولايات المتحدة على تكريسه، فهو يهدف إلى خلق محور من الدول المؤيدة للأمريكي ضد الصين بعد تصريحات واشنطن وطوكيو بأنّ الصين تمثّل التحدّي الاستراتيجي الأكبر لهما ولمنطقة أسيا – الباسفيك، وذلك على لسان وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن خلال مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية الياباني يوسيماسا خاياسي.
ثانياً: من الناحية السياسية: بتاريخ 17/1 /2023م صرّح المتحدّث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ون بين، خلال مؤتمر صحفي على تقارير تحدثت آنذاك عن زيارة متوقعة لبلينكن:” إن الصين تنظر على الدوام إلى علاقاتها مع الولايات المتحدة وتطورها وفقا للمبادئ الثلاثة القائمة على: الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون المربح للجانبين، كما أعرب عن أمله بأنّ تتبنّى الولايات المتحدة تصوراً صحيحاً عن الصين، ودعا إلى الالتزام بالحوار بدلاً من المواجهة، وتسعى لتحقيق نتائج مربحة للجانبين بدلاً من ممارسة لعبة محصلتها صفر”.
والمستجد ما حدث في 23/1/2023م حيث أفادت وكالة أنباء Punchbowl News الأمريكية، ما نقلته نقلاً عن مصادر مطلعة، أن البنتاغون في المراحل الأولى من التخطيط لزيارات كيفين مكارثي رئيس مجلس النواب الأمريكي لتايوان” هذه الزيارة التي بكل تأكيد ستزعج الصين، وقد سبقها زيارة أعضاء من الكونغرس الجزيرة ومنهم نيوت غينغريتش ونانسي بيلوسي، ولكن ما يلفت الانتباه هذه المرة، مراعاة الموقف الصيني مسبقاً بدليل تأكيد المصدر المطلع على” ضرورة مراعاة كيفن مكارثي ردود الفعل الصينية على هذه الزيارة”، مع دعوته إلى ضرورة اتخاذ جميع “القضايا الأمنية” الواجبة الاتخاذ في حركة تعكس تخوفهم الفعلي من غضب الصين من هذا النوع من الزيارات التي حذّرت منها مراراً وتكراراً.
وعلى سبيل الاسترسال، فقد أضافت الوكالة أن إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، تتوقع قيام كيفين مكارثي، بسلسلة من الزيارة لعل أهمها وأدقها زيارته لتايوان، خلال الفترات القادمة التي تبدء من الربيع القادم.
ثالثاً: من الناحية العسكرية: مسألة ضمان المصالح الأمريكية في الممرات المائية العالمية مسألة وجودية وحيوية بالنسبة لها، وفي سبيل ضمانها فهي مستعدّة للتنافس الحاد ولممارسة الحرب النفسية وكذلك لتلويح بالورقة العسكرية وتحديث تحالفاتها ولا أدل على هذا مما شهده يوم 11/1/2023م ، حيث نفذ خبراء عسكريون وأمنيون أميركيون (24) عملية محاكاة لمواجهة عسكرية بين الصين من جهة، والولايات المتحدة واليابان وتايوان من جهة أخرى، ولقد أدار المحاكاة مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية “CSIS” بإشراف مباشر من ثلاثة خبراء في مجال الأمن الدولي وكلية الدراسات البحرية، وتوصّل الخبراء إلى نتيجة واحدة على الشكل الآتي: “ستكون هناك أضرار بالغة لموقع الولايات المتحدة الأميركية لسنوات طويلة، إضافة إلى وجود اقتصاد مدمر في تايوان، فضلاً عن فقدان عشرات السفن ومئات الطائرات وعشرات الآلاف من الجنود”. أمّا في الجانب الآخر، فقد أظهرت المحاكاة أنّ الصين ستتكبّد خسائر ضخمة تصل إلى حد زعزعة استقرار الحكم حسب تصورهم، هذا ولقد استندت المحاكاة إلى الاحتمالات المرتفعة لحصول مواجهة عسكرية بناءاً زعمهم بأنّ الصين تواصل تعزيز جيشها وتحتفظ بالحق باستخدام القوة” في تايوان، كما تم افتراض جرّ اليابان حُكماً إلى الحرب وتعرّض قواعدها العسكرية للهجوم، وسيعاني الاقتصاد التايواني أضراراً فادحة، واحتمال تطوّر المواجهة لتصل إلى حدود التصعيد النووي.
واليوم غالبية دول العالم تُعنى في ظل الاستفزازات الأمريكية للصين بمعرفة المآل الأخير لهذه الاستفزازات، حيث إنّ للمواجهة لها مغباتها الكارثية على دول العالم أجمع، ، والأمر يحتاج إلى تنافس مضبوط بحدود، ويبرز هذا بوصفه ضرورة واقعية، ولو حيدنا الجانب الإعلامي الذي يظهر باستمرار أن الأوضاع على شفا حفرة من نار، وهذا ما تدركه الصين وتحذّر منه، بدليل دعواتها المتكررة للتعاون الدولي والتفرّغ للتنمية والدليل تصريح شيه فنغ نائب وزير الخارجية الصيني في تاريخ 16/1/2023م حول ضرورة توصّل الصين وواشنطن إلى طريق صحيح للتفاهم فيما بينهما، لأن أي مواجهة بينهما ستضر في النهاية بمصالح الدولتين والعالم، إنطلاقاً من العديد من الاعتبارات أهمها أنّ الصين والولايات المتحدة أكبر اقتصادين في العالم، وعضوين دائمين في مجلس الأمن الدولي، وتشتركان في مصالح مشتركة واسعة النطاق في ضمان السلام والاستقرار العالميين، وتعزيز التنمية والازدهار العالميين، وتتحملان مسؤولية خاصة عن ذلك.
د. ساعود جمال ساعود