رغم التأكيد سواء عبر اللجنة المركزية للحزب الشيوعي أثناء اجتماعها التاسع عشر أو المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي على أهمية تايوان بالنسبة للصين، وتكامل أمنها القومي ودعواتها المتكررة لعدم التدّخل بشؤونها الداخلية إلا أن الأمريكي ما يزال مصرّاً على صم أذنيه، وعدم الإصغاء للمطالب الصينية المؤدّبة لغاية الوقت الراهن، ممّا يجدّد طرح السؤال المعهود من قبل حول خفايا المصالح الأمريكية في تايوان ذات الأهمية الاستراتيجية بالنسبة لها.
الجديد اليوم أفادت وكالة أنباء Punchbowl News)) الأمريكية، ما نقلته نقلاً عن مصادر مطلعة، أن البنتاغون في المراحل الأولى من التخطيط لزيارات كيفين مكارثي رئيس مجلس النواب الأمريكي لتايوان” هذه الزيارة التي بكل تأكيد ستزعج الصين، وقد سبقها زيارة أعضاء من الكونغرس الجزيرة ومنهم نيوت غينغريتش ونانسي بيلوسي، ولكن ما يلفت الانتباه هذه المرة، مراعاة الموقف الصيني مسبقاً بدليل تأكيد المصدر المطلع على” ضرورة مراعاة كيفن مكارثي ردود الفعل الصينية على هذه الزيارة”، مع دعوته إلى ضرورة اتخاذ جميع “القضايا الأمنية” الواجبة الاتخاذ في حركة تعكس تخوفهم الفعلي من غضب الصين من هذا النوع من الزيارات التي حذّرت منها مراراً وتكراراً.
وعلى سبيل الاسترسال، فقد أضافت الوكالة أن إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، تتوقع قيام كيفين مكارثي، بسلسلة من الزيارة لعل أهمها وأدقها زيارته لتايوان، خلال الفترات القادمة التي تبدء من الربيع القادم.
في سياق ذاته، يذكر أن حدّة التوتر بين الولايات المتحدة والصين قد ارتفعت حول تايوان بشكل كبير بعد زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي السابقة، نانسي بيلوسي، لتايبيه في أوائل شهر آب عام 2022، حيث أثارت هذه الزيارة استياء الصين من زيارة بيلوسي لتايوان التي تعتبرها إحدى مقاطعاتها، واعتبرت الزيارة تحريضاً أمريكياً لانفصال تايبيه عن بكين، وليأتيرد الفعل الصيني فيما بعد عبر أجراء مناورات عسكرية فوق أجواء تايوان كرد فعل على ذلك.
وبغض النظر عن المزايا التي تتسم بها تايوان وبدوره الأمريكي يعوّل عليها، فإن الأهمية على وجه الدقة للمضيق الذي يبرز بوصفه الممر المائي الأكثر ازدحاماً في العالم، حيث يؤثّر أي اضطراب لحركة الملاحة به قد تؤثّر بقوة على حركة سلاسل التوريد العالمية.
وتكمن أهميته بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية من منطلق كونه الطريق الرئيسي للسفن التي تحمل المنتجات والبضائع من أكبر الدول المصنعة في آسيا، وهي الصين واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان إلى الأسواق الأوروبية والأميركية، بجانب الكثير من نقاط التوزيع الأخرى حول العالم، إذاً تايوان وبالتالي المضيق مصلحة واستراتيجية، وأن حدوث احتكاك دولي يقود الموقف باتجاه الصدام بين الصين والمعتدين على إرثها التاريخي لا بدّ ستتأثر حركة الملاحة بالمضيق وتنعكس سلباً، وهنا السر الكامن في الدعم الأمريكي لتايوان حيث تخشى من بسط السيطرة الصينية عليه بالقوة والتحكم بسلاسل التوريد الأمريكية ومن خلفها الأوربية فليست أمريكا سوى واجهه. تخفي ورائها الكثير من الدول الأوربية التي تبرز بوصفها مستفيدة أيضاً.
وفي ختام الحديث لا يفوتنا التذكير بمشروع قانون سياسة تايوان الذي وصل مجلس الشيوخ الأمريكي في 14/سبتمبر/أيلول عام 2022م على ترقية العلاقات الثنائية بين واشنطن وتايبيه، تضمن استراتيجية واشنطن في منطقة المحيطين الهندي- والهادئ، كما أظهر مشروع هذا القانون تايوان في دور البطولة ووصفها بأنّها محورية للمصالح والقيم الأمريكية.
بقلم الدكتور ساعود جمال ساعود