يعلم القاصي والداني أن بايدن قام بزيارته الأخيرة إلى منطقة الشرق الأوسط لأسباب عديدة منها ما يصدر عن الحالة الراهنة التي شهدتها الساحة الدولية من قبيل أزمة الطاقة التي شكّلت أحد أوراق الأزمة بين أوكرانيا وروسيا، والتي فتّحت الأعين والأذهان على ضرورة إيجاد البدائل لضمان الاستمرار مستقبلاً بعيداً عن حد السيف الروسي المتمثّل بتحكمه ببراعة بورقة الطاقة، إلا أنّه كان هنالك أسباب أخرى.
ومن جملة الأسباب المحورية للزيارة كانت “أمن الكيان الإسرائيلي” ، وهذا السبب جزء لا يتجزأ من الاستراتيجية الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط هذه الاستراتيجية التي تقوم على عدّة مقومات منها تأمين إمدادات الطاقة وحماية أمن اسرائيل عبر مد حركة التطبيع وهذا ما يحدث الأن وعبر تدمير الجيوش التي تشكّل مصدر تهديد على أمن الكيان الاسرائيلي بما لديها من عقيدة عسكرية وايديولوجية مثل الجيش العربي السوري، ولقد تم تضمين الهدف في سائر المشاريع الصهيونية الأمريكية والخطط الاستعمارية بداية بمخطط سايكس بيكو إلى مشروع الشرق الأوسط الجديد وصولاً إلى مشروع الفوضى الخلاقة وغيرها من المشاريع لتي دشنوها منذ بداية عام 2011م لغاية اليوم، ولا يقتصر الأمر على سورية بل على سائر حلفائها الذين يتبنون نهج المقاومة فإيران وحزب الله معنيون بالاستهداف الصهيوني أكثر من غيرهم ، لأن إيران أثبتت أمرين تحولا إلى واقع ملموس ألا وهما: قوتها ومصداقية خطابها السياسي والعسكري على أرض الواقع، وأنها ذات مشاريع وطموحات مستقبلية تقطع الطريق على مشاريع وطموحات الصهيوني الأمريكي في الشرق الأوسط مثال هذا انتصار المقاومة في عام 2006م، وسورية وحربها منذ عام 2011م لغاية الوقت الراهن، وإيران ومناصرتها لدول محور المقاومة، ولقد ساعد عالمية ومشروعية الهدف الإيراني والسوري وسائر المقاومين على الشق الإقليمي، وكذلك على المستوى الدولي الجزائر وفنزويلا وروسيا والصين على زيادة زخم القوة المقاومة وحصولها على مكانة ونفوذ وحضور دولي بالاستفادة من الشرخ الدولي بين معسكرين مع وضد أمريكا الأمر الذي يشكّل بيئة مناسبة للاستفادة من التناقضات الإقليمية والدولية.
بقلم الدكتور ساعود جمال ساعود