بقلم : الإعلامي: يعرب خيربك – رئيس تحرير مرصد طريق الحرير.
تأتي قمة منظمة شنغهاي للتعاون هذا العام وسط أجواء دولية وتغيرات كبيرة، واضافات تجعلها الأكبر في تاريخ المنظمة، محملة وعودًا كبيرة، لكنها تواجه تحديات عميقة تهدد قدرتها على التأثير والاستمرار، من حيث الادوات والواقع
فبمرور سريع على اهم اهداف قمة شنغهاي القادمة سيبدو اننا امام منظمة تضطلع بقضايا عالمية دولية تعيد للأذهان اعتبار المنظمة لنفسها انها مجتمع دولي قائم بذاته،
حيث تأتي احلام التغيير للنظام الدولي في أكثر وقت يتفق فيه العالم على هذه الضرورة، وأكثر وقت تخسر فيه رؤى المنظمة امام امريكا وذلك في جميع القضايا الدولية وخصوصا الشرق الاوسط
وعود كبيرة… وواقع هش:
تطرح المنظمة أهدافًا طموحة تشمل حل النزاعات الإقليمية، مواجهة تغير المناخ، وتنظيم الذكاء الاصطناعي. لكن هذه الأهداف، رغم أهميتها، تبدو بعيدة عن التحقيق. فحتى الآن، لم تنجح المنظمة في حل أي نزاع فعلي، بل وانفجرت حرب اوكرانيا، والشرق الاوسط، وسقطت سورية، لتتحول اولا لنقطة خذلان لن تمحى بسهولة، وتؤكد فشل الحلول الدبلماسية، اضافة لتحولها الى بؤرة ارهاب ونفوذ غربي، يسقط آمال محاربة الارهاب، كما أن التزامها البيئي يتناقض مع السياسات الصناعية لبعض أعضائها. أما في مجال الذكاء الاصطناعي، فالمقترحات المطروحة لا تتوافق مع المعايير الدولية، ولم تجد نتائج كافية على الارض لا لناحية الانجاز ولا الإقناع.
تصاعد القلق الغربي:
في المقابل، يواجه المنظمة قلقًا متزايدًا في الغرب. التعاون النووي بين روسيا وبيلاروسيا، وتطوير نظام مالي بديل يعزز تداول العملة الصينية، يشكلان تهديدًا مباشرًا للنظام العالمي القائم، والذي يشعر العالم كله بضرورة تغييره، لكن الإقناع الشعبي للعالم بهذه المنظمة يكاد يكون معدوما، في الشرق كله، وغربا، رغم أن الخطاب الإعلامي الذي تتبناه المنظمة يحاول أن يعيد تشكيل الرأي العام في دول الجنوب العالمي، ويخلق سردًا بديلًا لما تروّجه القوى الغربية.
بنية ضعيفة وتمثيل غير متوازن:
رغم توسعها الجغرافي، تعاني منظمة شنغهاي من ضعف داخلي واضح. فهي تفتقر إلى آليات فعالة لحل النزاعات، وتُتهم بعدم الشفافية. والاهم هو الانتماء المزدوج لأعضاء مهمين بالمنظمة وليس اهمهم الهند، حيث يفترض انهم عناصر قوة للمنظمة في وقت ترتبط جميع سياساتها بامريكا،
هذا الضعف البنيوي يجعل من الصعب على المنظمة أن تتحول إلى قوة دولية حقيقية، حتى في ظل هيمنة روسيا والصين على قراراتها، حيث تسيطران على أكثر من 80% من التوجهات الاستراتيجية، ويعود هنا ايضا سقوط الشرق الاوسط خارج المنظمة مصلحة وسلوكا بعد سقوط آخر قلاع الشرق سورية سقوطا هز الثقة بالمنظمة من كل شعوب المنطقة، واعاد القوة التي كانت تتهالك لامريكا في الشرق.
الحاجة إلى إصلاح جذري:
لكي تتمكن المنظمة من تجاوز أزماتها، فهي بحاجة إلى إصلاحات مؤسسية جذرية. من بين الخطوات الممكنة: إنشاء محكمة داخلية لحل النزاعات، تفعيل اوسع واعلان يصل للناس حول تأسيس صندوق خاص لتنفيذ المشاريع، واعتماد نظام تقارير مستقل يعزز الشفافية.
والاهم ايجاد نقاط تلاقي اكثر قدرة على توحيد الصفوف وإخراج القوى التي تمثل اعضاء المنظمة.
مستقبل غامض:
المستقبل لا يبدو واضحًا. وحسب التقارير الغربية، هناك احتمالات لتوسع النفوذ النووي، وظهور نظام مالي بديل، وربما أزمة شرعية داخلية تهدد تماسك المنظمة. هذه السيناريوهات، إذا تحققت، قد تؤدي إلى إعادة تشكيل موازين القوى العالمية، أو إلى تفكك المنظمة نفسها، وخلف كل هذا وبين تفاصيله، غياب الربط المالي الذي سببه ضعف الثقة بين الدول باقتصادات بعضها البعض، وهذا ما يجعل الصين المسؤولة عن ايجاد الية بنكية مالية ضامنة للدول الاعضاء للتشجيع على التبادل بعملات محلية، او تعزيز عملتها، مع تقديم ضمانات للدول حتى يمكن الحديث عن وعاء مالي داعم وموحد، يمكنه احتضان اقتصادات داعمة يمكنها ان تتحول لسياسات موحدة حقيقية.
ختاماً: قمة شنغهاي 2025 ليست مجرد لقاء دبلوماسي، بل لحظة اختبار حقيقية. بين الطموحات المعلنة والواقع المعقد، تقف المنظمة أمام مفترق طرق. إما أن تعيد بناء نفسها وتثبت قدرتها على التأثير، أو أن تتحول إلى كيان رمزي عاجز عن مواكبة التحولات الكبرى في العالم.