أثارت الاشتباكات بين العشائر العربية وقوات “قسد” المدعومة أمريكياً اهتمام الصحف العالمية التي رأت أنها مؤشر على تصاعد التوترات في المنطقة إنذار بحرب محتملة إقليمية النطاق، دون أن نعطي قيمة كبيرة للأرائهم وتحليلاتهم وإنّ استعرضناها.
- صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية قالت في تقرير لها إن الاشتباكات “أظهرت الضعف المتزايد للتحالف الدولي في سوريا، حيث يواجه معارضة متزايدة من جانب القوات الحكومية والفصائل المعارضة المحلية”.
- صحيفة الغارديان البريطانية قالت في تقرير لها إن الاشتباكات “تشير إلى أن الوضع في سوريا معقد للغاية، ولا توجد حلول سهلة للصراع”.
- صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية قالت في تقرير لها إن الاشتباكات “تثير مخاوف من أن سوريا قد تدخل في حرب أهلية جديدة”.
وخلاصة ما قالوه تشير التقارير الصحفية إلى أن الاشتباكات بين العشائر العربية وقوات سوريا الديمقراطية “قسد” في المنطقة الشرقية السورية، مؤشر على تصاعد التوترات في المنطقة، حيث تواجه هذه القوى معارضة متزايدة من جانب القوات الحكومية والفصائل المعارضة المحلية، وأجمع المراقبين أن هذه الاشتباكات يمكن أن تؤدي إلى مزيد من الاضطرابات في المنطقة، وقد تصل إلى حد حرب. وعلى أية حال والسوريين يعرفون يقيناً أن أي حرب قادمة يقيناً ستكون بانخراط أطراف إقليمية بشكل معلن أو غير معلن، ولغاية الأن هذا مستبعد عملياً من حيث النتائج العملية، بعيداً عن البهرجة والضخ الاعلامي الذي لا يعلم شيئا عن التسويات والصفقات الغير معلنة بين “حلفائنا” من جهة وأعدائنا، والمجال هنا مفتوح للتحليل..
ومن المنظور الإسرائيلي ، يرى الإسرائيليون أن الصراع بين العشائر العربية في الشرق السوري دير الزور والرقة وحلب ضد قسد وتعزيزات الوجود الأمريكي، مؤشر على تصاعد التوترات في المنطقة، والذي يمكن أن يشكل تهديداً للمصالح الإسرائيلية في المنطقة.
وعلى أساس الحسابات الاسرائيلية لتضرر المصالح الأمريكية، يرى بعض المراقبين الإسرائيليين أن هذا الصراع يمكن أن يستغله “حزب الله اللبناني والمجموعات الشيعية الأخرى”، من أجل تعزيز وجودها في المنطقة، مما قد يشكل تهديداً للأمن القومي الإسرائيلي.
ويرى آخرون أن هذا الصراع يمكن أن يؤدي إلى مزيد من التصعيد العسكري في المنطقة، والذي يمكن أن يتسبب في انتشار العنف والإرهاب، وفي ظل هذه التطورات، يرى الإسرائيليون أن الولايات المتحدة مطالبة باتخاذ إجراءات لمعالجة الوضع في سوريا، ومنع تفاقم التوترات في المنطقة. وهنا لم يحددوا كيف! ولا ندري إن كان الصمت الأمريكي عن هزائم حليفها تخلي عنه كما يقول المتفائلون، وأن نتيجة صفقة سرية بين المقتتلين ظاهراً أو بالفعل وسيلة أمريكية لمنع جر المنطقة إلى مزيد من العنف وهذا احتمال قوي ووارد. وللحق والحقيقة نقول: أعداء سوريا ، أخذت عداوتهم منحيين: قسم أعداء سياسيين وعسكريين ظاهراً، وقسم أعداء سوريا أقتصاديا، والحرب توزيع أدوار: “أنت تلعب دور الحليف وأنا ألعب دور العدو”.
وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية في تقرير لها إن “الاشتباكات بين العشائر العربية وقوات سوريا الديمقراطية “قسد” والتحالف الدولي، في المنطقة الشرقية السورية، تشير إلى أن سوريا ما زالت تشكل تهديداً للمصالح الإسرائيلية”. كما قالت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية في تقرير لها إن “الاشتباكات بين العشائر العربية وقوات سوريا الديمقراطية “قسد” والتحالف الدولي، في المنطقة الشرقية السورية، يمكن أن تستغلها إيران وحزب الله اللبناني، من أجل تعزيز وجودهما في المنطقة”.
وقالت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية في تقرير لها إن “الاشتباكات بين العشائر العربية وقوات سوريا الديمقراطية “قسد” والتحالف الدولي، في المنطقة الشرقية السورية، تتطلب تدخلاً أمريكياً عاجلاً، لمنع تفاقم التوترات في المنطقة”.
وهذا ما يستشف منه ببساطة استمرار الغارات الاسرائيلية على سورية التي ستتزايد مع تزايد المبررات لمزيد من الوجود الايراني في سورية، لذلك أن تضخم التوتر ليس من مصلحة اسرائيل ولا أمريكيا، أمريكيا التي ثبتت نفوذها بما يغنيها عن قسد وغيرها لذلك لا يمكن تكفير الرأي القائل بالتخلي عن قسد فعليا وليس ظاهراً.
على الضفة الأخرى من شاطئ السياسة، يبرز السباح السياسي الأمريكي (المحلل)، حيث يرى المحلليين العسكريين الأمريكيين :”أن الوجود الأمريكي في سوريا، ودعم قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، أصبحا أكثر صعوبة في ظل التطورات الأخيرة، حيث تواجه هذه القوات معارضة متزايدة من جانب القوات الحكومية السورية والفصائل المعارضة المحلية”.
وتحليلاً نرى، أن التعزيزات الأخيرة كانت من باب الاستعاضة عن قسد كأداة أمريكية في أحد جوانبها، وليس تجهيزا لحرب قادمة بل خطوة دفاعية استباقية، وحرب نفسية بالوقت ذاته لسورية والمقاومة الشعبية وأشلاء الحلفاء لمراجعة حساباتهم تجاه أي عمليات عسكرية تجاه القوات الأمريكية في سورية.
ومن باب التنبؤ مستقبلاً يرى محللون أن الولايات المتحدة أمام خيارات صعبة في سوريا، حيث يمكن أن تختار إما:
- زيادة الدعم العسكري لقسد، مما قد يؤدي إلى تصعيد عسكري مع القوات الحكومية السورية، مما قد يتسبب في مزيد من الاضطرابات في المنطقة تقود لما يهدد أمريكا واسرائيل وحلفائها.
- الانسحاب من سوريا، مما قد يؤدي إلى سيطرة الحكومة السورية على المنطقة، مما قد يشكل تهديداً للمصالح الأمريكية في المنطقة.
- محاولة التوصل إلى حل سياسي للصراع في سوريا، وهو سيناريو غير مرجح في الوقت الحالي.
وبخصوص المفاضلة بين هذه السيناريوهات، يرى المحللون العسكريين الأمريكيين “” أن الخيار الأكثر احتمالاً هو أن تستمر الولايات المتحدة في دعم قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، ولكن مع تقليل الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة، مما قد يؤدي إلى مزيد من الاعتماد على قوات “قسد” في الدفاع عن نفسها””. والخيار يرى هؤلاء قد يكون أقل تكلفة من الخيار الأول، ولكنه قد يكون أكثر عرضة للفشل، حيث قد لا تكون قوات “قسد” قادرة على الصمود أمام القوات الحكومية السورية دون الدعم الأمريكي الكامل.
ويرى بعض المحللين العسكريين الأمريكيين أن الولايات المتحدة يمكن أن تسعى إلى حل سياسي للصراع في سوريا، من خلال دعم المفاوضات بين الأطراف المعنية، ولكن هذا الخيار غير مرجح في الوقت الحالي، حيث لا توجد رغبة واضحة من جانب أي من الأطراف للتوصل إلى حل سياسي.
وبالنتيجة أمريكا فعلت العكس ولعل السبب كما قلنا تقليل الاعتماد على قسد نتيجة معلومات أو خطة معدة مسبقاً للتخلص من قسد عبر افتعال اسباب تقود للصدام مع العشائر وحتى في حال كان صدام قسد مع العشائر خارج ارادة أمريكا، فإن الامريكي لن يتورط بدخول صدام فوضوي من أجل قسد، ولعل جل أهدافة الان تثبيت مقراته وحمايتها.
د. ساعود جمال ساعود