كتب فلاديمير سكوسيريف في “نيزافيسيمايا غازيتا” مقالاً جديراً بالقراءة قال فيه: يعقد مؤتمر في بكين بمشاركة ممثلين عن نحو 50 دولة أفريقية، فضلاً عن الاتحاد الأفريقي. وبحسب وزارة الدفاع في جمهورية الصين الشعبية، فإن الموضوع الرئيسي للمناقشة هو مناقشة مبادرة الأمن العالمي التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ في عام 2022، كما يهدف المنتدى الذي ينعقد هذا المنتدى للمرة الثالثة إلى تعزيز الوجود العسكري الصيني في القارة، حيث أصبحت أكبر مستثمرر، ولكن في الحقيقة أن الاجتماع المخطط له منذ فترة طويلة ينعقد في ظل أزمة في النيجر، الأمر الذي قد يمكن من العثور على البديل لتسوية الصراع وإيجاد حل له.
ووفقا لصحيفة ساوث تشاينا مورنينج بوست، تريد بكين تعزيز العلاقات مع أفريقيا في مواجهة المنافسة مع الولايات المتحدة، ولكن المشكلة تكمن بكون القانون الصيني لا يسمح لأي تشكيلات عسكرية خاصة بالعمل في الخارج، ولذلك، فإن التفاعل مع أفريقيا في المجال العسكري يتم -حصراً- من خلال بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، ومكافحة الإرهاب والقرصنة، والمساعدات الإنسانية وتدريب الجنود الأفارقة.
وتماشياً مع مسار عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، فقد امتنعت بكين عن المشاركة بقواتها في الصراعات المحلية، والسؤال هنا: كيف ستتصرف الصين في ضوء الأحداث في النيجر؟
ويقول بيير كابيستان، الأستاذ الفخري في الجامعة المعمدانية في هونغ كونغ: “قد تحاول الصين اختبار مفهومها للأمن العالمي في أفريقيا على وجه التحديد، حيث تتمركز وحداتها الرئيسية من قوات حفظ السلام، بما في ذلك الوحدات القتالية”. وحتى وقت قريب، في مالي وما زالوا موجودين في جنوب السودان.
ويواصل البروفيسور قائلاً: “إن بعض الدول غير راضية عن الطريقة التي تحارب بها فرنسا الإرهاب في مستعمرتيها السابقتين – مالي وبوركينا فاسو، وتأخذ الصين في الاعتبار اللحظة الحالية، وتقدّم نوعًا مختلفًا من المساعدة العسكرية للمدربين العسكريين، وتوريد الأسلحة والمعدات الأخرى.
إن مشاركة الصين في أفريقيا آخذة في النمو بسبب استثماراتها الكبيرة في القارة والعدد الكبير من المواطنين الصينيين هناك(وفقا لجامعة ييل، يعيش حوالي مليون صيني في أفريقيا)، وكانت هناك حالات قُتلوا فيها أو أُخذوا كرهائن، وقد زادت الحاجة إلى حماية هؤلاء المواطنين بشكل أكبر منذ الانقلابات في بوركينا فاسو وغينيا ومالي والسودان والآن النيجر.
ومع ذلك، يقول كابيستان إنه من غير المرجح أن تتوسط الصين في مفاوضات لإنقاذ رئيس النيجر محمد بازوم، المحتجز لدى المجلس العسكري، حيث وضع الانقلاب بكين في موقف صعب، إذ أن الصين تصف بازوم بالصديق، ولكن الصين لن تدعم التدخل العسكري بما في ذلك تدخل المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا (الإيكواس).
وفي مقابلة مع NG، أشار الأفريقي بوريس بيلياتسكين إلى أن: “المعلق من هونج كونج لم يقل شيئًا عن حقيقة أن يفغيني بريجوزين، رئيس اللجنة العسكرية الخاصة التابعة لشركة فاغنر، زار مالي عشية عودته إلى موسكو والسفر إلى سان بطرسبرغ” والتقى برئيس هذا البلد وكذلك بممثلي المتمردين العسكريين في السودان، وزعم أنه زودهم في وقت سابق بصواريخ جو-أرض، وأحضروا لبريغوجين صندوقين من الذهب. أين ذهبت هذه الصناديق غير معروف، ظهر بريجوزين في مقطع فديو مصور، وهو يقول:” إن درجة الحرارة هناك 50 درجة، وأنه سيدافع عن أفريقيا، ويقاتل ضد القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية (كلا المنظمتين محظورتان في الاتحاد الروسي) ويحمي مصالح روسيا”، لكن السلطات في مالي لم تعترف بأن تنظيم “الدولة الإسلامية” ينشط هناك، كما أنهم لم يعترفوا بوجود وحدات فاغنر هناك يبقى فقط أن نفترض فهل كان بريغوجين سيجعل مالي مركزا للنشاط وبالتالي توسيع نفوذه في غرب أفريقيا؟ ومن المميز أن الصين، مثلها في ذلك كمثل روسيا، نظرت بشكل سلبي إلى الانقلاب في النيجر، وهذا يتماشى مع نهج العديد من القوى الأخرى.
كانت قاعدة فاغنر الرئيسية هي جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي وبوركينا فاسو هما الشريكان الأقربان للمجلس العسكري في النيجر، لكن قواتها لا يمكن مقارنتها بقوات المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا القوة الأقوى في هذا الاتحاد هي نيجيريا، ولن يكون للمجلس العسكري أي فرصة إذا وصل الأمر إلى التدخل العسكري، ويبقى أن نأمل أن يجد المنتدى في بكين طريقة للقيام بشيء لمنع وقوع المأساة في النيجر.
الإعداد: ساعود جمال ساعود