من التصريحات السياسية المعادية وصولاً إلى المناورات العسكرية، تستمر أمريكا وحلفائها بإثارة المخاوف العالمية من الصين عبر تصوير دورها وسياساتها على غير حقيقتها، عبر الديناميكيات المتقنة التي تنفذها الألة الإعلامية الغربية تجاه الصين، هذه الديناميكيات التي تتوقف وغالباً ما تقابلها الصين بالتفنيد وليس بممارسة الحرب المضادة، هذا الأمر ذو الدلالات السياسية حول تجنب التصعيد إن لم يكن حباً بالسلم والاستقرار، فإنه رغبة بتجنب الأثار التدميرية لمفرزات الحرب النفسية التي قوامها الإعلام ضد الصين.
اليوم فأكثر دور الإعلام والمحافل والمنظمات الدولية في الحرب ضد الصين ، حيث أوضحت المتحدّثة باسم الخارجية الصينية ماو نينغ اليوم إنّ بلادها تأمل بأن لا تعمد اليابان مع الناتو لتضخيم المساعي الصينية، وبالتالي إثارة مواجهة إقليمية في المنطقة، وأضافت المتحدّثة الصينية: ” لطالما كانت الصين مدافعة عن السلام والاستقرار على الصعيدين الدولي والإقليمي، وهذا أمر واضح للجميع، ونأمل ألا تقوم الأطراف المعنية بتضخيم التهديد الصيني وإثارة مواجهة إقليمية”.
وحول خطورة الحرب الإعلامية ومفرزاتها على صعيد إحداث استقطاب دولي، وتجييش الرأي العام الدولي ضد الصين، حيث أشارت ماو نينغ إلى أن الاتجاهات العسكرية والأمنية لليابان، جذبت دائماً الاهتمام الشديد من جانب جيرانها الآسيويين والمجتمع الدولي، وقالت ممثّلة الخارجية الصينية: “يجب على اليابان أن تستوعب دروس التاريخ بشكل جدي، وأن تلتزم بحزم بمسار التطوّر السلمي، والامتناع عن الأعمال التي تقوض الثقة المتبادلة بين دول المنطقة وتضر بالسلام والاستقرار الإقليميين”.
وفي سياق متصل ومن باب التحالف ووحدة المواقف السياسية، فقد صرّحت المتحدّثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، بأنّ الغرب يستعد لموجة إعلامية ضد الصين ستبدأ في المستقبل القريب، حيث قالت زاخاروفا لإذاعة “سبوتنيك”: “توجد الصين في أفق موجة الدعاية الإعلامية العالمية، هذه الموجة سترتفع حتى في هذا الاتجاه طالما أنهم (الغرب) ليسوا مستعدين من ناحية الدعاية لأنّ الصين محمية في مجال المعلومات. المجال الداخلي للصين محمي. ولديها عمل جيد التنظيم في الخارج – ليس بشكل ممتاز، لكن بشكل جيد وهناك موارد. لذلك فإنهم (الغرب) يحتاجون إلى وقت للتحضير العالمي. لكنني متأكدة من أن واحدة من أقوى الموجات ستكون موجهة إلى الصين وستبدأ في المستقبل القريب. إنهم يستعدون الآن لذلك لأنهم لا يستطيعون عمله بسرعة”.
بالنتيجة إنّ حقيقة الأمر ما ذكرته زاخروفا أنّ الغرب يشكل “تهديدات” مزعومة في مجال المعلومات بشكل دائم من أجل تحقيق أهدافه، وهنا نقف لنذكر فقط بأنّ البعد المعلوماتي في السياسة الغربية ضد الصين وروسيا وإيران جزء من الحروب اللاتماثلية التي تشنها ضد أعدائها وهي جوهر حروب الجيل الرابع من أية جهة ومن جهة أخرى أن الصين وروسيا في عالم اليوم متفوقين في الردع المعلوماتي وبإمكانهما مواجهة الدعاية الغربية في ظاهرها الأنيق وردع الحرب النفسية الإعلامية ضدهما بما يفرغها من مضمونها، وعلى أية حال لا أعتقد أن التهويل والتشوية الإعلامي سينقل حلفاء الصين وروسيا إلى معسكر أمريكا وحلفائها، وستظهر هذه الدول بمثابة المتناقضة بين الواقع الفعلي والإعلامي الدبلوماسي، لأن التعاون والابتعاد عن الصراع واقع ستخضع له الغرب عاجلاً أو آجلاً.
د. ساعود جمال ساعود