أفاق الصينيون اليوم عل وقع حدث عظيم ، تمثّل بتجمّع لـ 2300 مندوبٍ في قاعة الشعب الكبرى ، وافتتح الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي شي جين بينغ اليوم الأحد المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي الحاكم الذي يستمر أسبوعاً، سينتخب خلاله المندوبون الذين يمثلون جميع مناطق الصين القيادة العليا للحزب، مع رغبة شعبية ترجمتها نداءات الايام السابق باستمرار الرئيس شي جين بينغ بقيادة الشعب والدولة والحزب، واستكمال مسيرة التطور والتقدّم في الصين نحو الريادة العالمية.
ألقى الرئيس الصيني كلمة وسط متابعة دولية لكل كلمة أو عبارة سيتم الإعلان علنها في حال حملت في مضامينها تغيّراً لافتاً في سياستهم الخارجية أو الداخلية، وسبيل المسعى ذاته كان لا بد من التدقيق بما ورد بخطابه، الذي بدأه بإلقاء كلمة أشاد فيها بحماية الحزب الشيوعي للأمن القومي الصيني بمعناه الشامل ؛ الأمر الذي أكده في خطابه أمام اللجنة المركزية التاسعة عشر وترجمه إلى واقع تجلى بإحلال الأمن بهونغ كونغ وعدم السماح بالعبث بأمن الصين عبر البوابة التايوانية، والحفاظ على الاستقرار الاجتماعي عبر الاستمرار بسياسات تنموية رائدة على مستوى العالم متعدّدة الأبعاد والمجالات، وحماية حياة الناس ورفاهيتهم وتقدمهم المستمر. وبالتركيز على خطاب الأمين العام وما أورده فيمكننا تحديد أبرز النقاط الهامّه وفق ما يلي:
1. وفي إشارة إلى أهمية سياسة بلد واحد ونظامان، فقد أكد الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي على خصوصية الوضع بتايوان باعتبارها شأن داخلي محض وجزئ لا يتجزأ من الأمن القومي الصيني ورأينا في الآونة الأخيرة كيف أعطى أشاره للجيش الصيني بالتجهز والاستعداد بعد سلسلة الاستفزازات الأمريكية التي باءت فشلاً، حيث قال الأمين العام: “حل قضية تايوان يعود إلى الشعب الصيني، وإن الصين لن تتخلى عن حق استخدام القوة مع تايوان كحل أخير وفي الظروف القصوى”.
2. رأينا قبل أيام حيث صدرت استراتيجية الأمن القومي الأمريكي، ووضعت الصين في قائمة التحديات والمنافسين بالنسبة لهم وأعربوا عن قلقلهم منها وسعيهم لتطويق نجاحاتها؛ الأمر الذي يفرض على الصين التجهز وأخذ الحيطة والحذر ورفع الجاهزية والاستعداد حيث قال الأمين العام :” شدد الرئيس الصيني على أن بلاده ستسرع بناء جيش على مستوى عالمي، وتعزز قدرتها على بناء قوة ردع استراتيجية، لافتا إلى أنه يجب أن تلتزم الصين بقيادة الحزب المطلقة للجيش” .
3. وليس غريب محاولات الولايات المتحدة الأمريكية الخبيثة، للزج بالصين في صراعات لا ناقة لها فيها ولا جمل من قبيل الحالة الأوكرانية – الروسية، التي أعلنت الصين مراراً أنها على حياد وتجمعهم علاقات سلمية مع جميع الدول، وتقوم سياساتها على التعاون واحترام السيادة والاستقلال وهنا قال الأمين العام شي جي بينغ:” إن الصين تعارض بحزم جميع أشكال الهيمنة والسياسات القائمة على القوة وتعارض عقلية الحرب الباردة، والتدخل في شؤون الدول الأخرى الداخلية”.
4. وأشار الأمين العام إلى ما يحدث داخل المنظمات الدولية، وكيفية تعامل بعض الدول الكبرى تجاه القضايا العالمية بما يتنافى مع الأخلاق والقوانين الدولية بقوله:” كما تعارض ازدواجية المعايير، مشددا على أن بكين لن تسعى إطلاقا إلى الهيمنة ولن تنخرط في (أنشطة) توسعية”.
5. وبكل مناسبة يؤكد الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي على الصعيد الداخلي إرساء ركائز الاشتراكية ذات الخصائص الصينية بكل أبعادها لا سيما التنمية الشاملة بكل مضامينها وأبعادها لكونها السبيل للاستمرار النهوض بالصين ونقله نقلات نوعية قدماً نحو مراحل متقدمة جداً، حيث قال: “إن الحزب الشيوعي يرى من الضروري تسريع عملية تحويل البلاد لقوة عالمية رائدة من حيث تطوير تقنيات التصنيع واستكشاف الفضاء والنقل والشبكات وجودة المنتجات”.
6. وفي السياق السابق فقد أكد على التنمية والنوعية والإبداع والابتكار بما يميز الصين وتنميتها وتجاربها ويكسبها خصوصية دون غيرها بقزله: “يجب أن نستمر في إعطاء الأولوية لتعزيز التنمية عالية الجودة، والجمع بشكل عضوي بين تنفيذ استراتيجية توسيع الطلب المحلي وتعميق الإصلاحات الهيكلية في قطاع التوريد .. ومن الضروري تسريع إنشاء نظام اقتصادي حديث والتركيز على تحسين الإنتاجية الإجمالية لعوامل الإنتاج وتعزيز مرونة وأمان سلاسل الإنتاج والإمدادات”، وأشار الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي إلى ضرورة تعزيز وتطوير القطاع العام للاقتصاد، وتشجيع ودعم وتوجيه تنمية القطاع الخاص، والكشف عن دور السوق في توزيع الموارد، وإظهار دور السوق بشكل أكثر فاعلية، وكذلك قال :” من الضروري تشكيل نظام إنتاج حديث، وتعزيز نوع جديد من التصنيع، وتسريع تحول الصين إلى قوة عالمية رائدة من حيث تطوير تقنيات التصنيع والفضاء والنقل والشبكات وكذلك جودة المنتجات”.
7. أشار الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني إلى ضرورة “ترسيخ المكانة الريادية للصناعات التنافسية، وتسريع العمل لتعويض النواقص في المجالات المتعلقة بأمن الدولة وتنميتها، وزيادة القدرة على ضمان توفير الموارد المهمة استراتيجياً”.
8. وفي حديث الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي عن دور جيش التحرير الشعبي الصيني في حمايه نهضة وتجربة الصين ومستقبلها لا سيما في ظل الظروف الدولية الراهنة التي تسعى فيها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها إلى العبث مع الصين دون جدوى مستغلين السياسة العقلانية للصين المتفرغة للتنمية وتطوير وتحسين مناحي حياة شعبها والارتقاء بمستوه معيشته وتقدمه وارتقائه، حيث دعا الأمين العام إلى تطوير تسليحه وجاهزيته، والملفت للانتباه تردد كلمات “الأمان” أو “الأمن” حوالي (73) مرة في خطابه في سياق حديثه عن ضرورة تطوير الجيش الصيني.
وبالمجمل جاءت كلمة الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي شي جي بينغ محملة بالمضامين المستوحاة من فلسفة الحزب الشيوعي الصيني التي تعكس سياسات مستقبلية موظفه لنهضة وتقدم الصين ووضعها نحو الريادة العالمية بدون منازع وأعتقد وبدون أي شك ستصل الصين إلى مبتغاه بفضل السياسة الحكيمة التي تتسم بالعقلانية والبعد عن المنازعات الدولية، وتوظيف الإمكانيات والمواد في سبيل خدم شعبها وشعوب العالم وهذا ما سيقود لجذب المزيد من الدول نحو الفلك الصيني على شكل علاقات ثنائية أو أحلاف استناداً لما تمتلكه من إمكانيات مادية وبشرية، وبذلك تكون قد استجابت للتحديات الداخلية والدولية سواء.
بقلم الدكتور ساعود جمال ساعود