بعد فتح باب الانتساب إلى التحالف الدولي للطاقة الشمسية أمام جميع الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة إثر تعديل اتفاقه الإطاري، أصدر السيد الرئيس بشار الأسد اليوم الخميس 7 من تموز، قانونًا صادق بموجبه على انضمام سوريا إلى “الاتفاق الإطاري لإنشاء التحالف الدولي للطاقة الشمسية”، الأمر الذي يوجب التعريف بهذا لاتحاد وأهدافه ووضع تقديرات حول المكاسب السورية من دخول هذا الاتفاق.
يمكن تعريف التحالف الدولي للطاقة الشمسية بكونّه أوّل منظمة حكومية دولية تتخذ من الهند مقرًا لها، ووقّعت 83 دولة هذا الاتفاق الإطاري، ومن بينها أستراليا واليابان والمملكة المتحدة وهولندا ومصر و31 بلدًا أفريقيًا و7 دول في المحيط الهادئ و9 بلدان في أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي و3 بلدان في جنوب آسيا، وفيما يتعلّق بأهداف التحالف الدولي للطاقة الشمسية، فإنّه يهدف التحالف إلى وضع القواعد والمعايير التي تنظّم الطاقة الشمسية، من أجل نشرها على نحو سريع وواسع النطاق في البلدان الغنية بالإشعاع الشمسي، حيث ما زالت تُعتبر المخاطر مرتفعة، ويوفّر التحالف أدوات عملية وتدابير لبناء القدرات وأدوات مالية مبتكرة.
الأهم بهذا الصدد هو المكاسب السورية المتوقعة من الانضمام إلى التحالف الدولي للطاقة الشمسية، والتي نوجز منها ما نتوقعه وفق ما يلي:
1. الحصول على مساعدات فنية لتطوير المشاريع المستدامة في مجال الطاقة الشمسية، من قبيل المساعدة في التخطيط وتحديد الموارد ووضع الإصلاحات في قطاع الكهرباء.
2. تيسير إجراء المناقصات العامة بين سورية والدول الأعضاء والاستفادة منها في إطار تبادل الخبرات والدعم في مجال لمشاريع الطاقة الشمسية.
3. قيام الحكومة السورية بدورها بحث المستثمرين في القطاع الخاص على القيام بمشاريع في مجال الطاقة المتجددة.
4. هذا التحالف سيؤمن لدولة مثل سورية العديد من المساعدات والتسهيلات لتوطين مشاريع الطاقة الشمسية المتجددة، ومدها بالخبرات والقروض، وتخصيص المشاريع لتوليد الكهرباء من الطاقة الكهروضوئية.
5. تدريب التقنيين والمهندسين العاملين ميدانيًا بغية إقامة سلاسل إمدادات الطاقة الشمسية على الصعيد المحلي.
6. وتطوير التشريعات والقوانين الناظمة لاستخدام الطاقات المتجددة بالشكل الأمثل.
7. وضع قاعدة موحّدة للاتفاقات القانونية، يمكن تنفيذها على نحو أبسط وأسرع في كلّ بلد، مما يتيح خفض تكاليف المعاملات للوكالات التنفيذية الحكومية وإبراز رواد المشاريع.
الجدير بالذكر أن خطوة الانضمام إلى الاتفاق الإطاري هي جزء من سلسلة متكاملة تمضي بها الدولة السورية في مجال الطاقات المتجددة لتلافي العوائق التي تواجهها في مجال الطاقة والأدلة على هذا الكلام.
أولاً: عام 2021م فقد حدث أن وافق المجلس الأعلى للاستثمار في سورية على منح التراخيص المؤقتة لخمسة مشاريع استثمارية، ثلاثة منها لتوليد الطاقة باستخدام الألواح الشمسية، مشمولة بقانون الاستثمار الجديد رقم 18 لعام 2021، وأن قيمتها تقدر بعشرات مليارات الليرات. وتضمنت المشاريع الجديدة 3 مشروعات لتوليد الطاقة الكهربائية باستخدام الألواح الشمسية، الأول باستطاعة 5 ميغاواط، والثاني باستطاعة من 50 إلى 100 ميغاواط، والثالث باستطاعة 10 ميغاواط.
ثانياً: كما وقعت سورية في 11/نوفمبر/2021م اتفاقية مع تحالف شركات إماراتية، لإنشاء محطة طاقة شمسية بقدرة 300 ميغاواط في منطقة وديان الربيع بالقرب من محطة توليد تشرين في ريف دمشق.
ثالثاً: بالإضافة إلى أصدار الرئاسة السورية في عام 2021م، قانونًا ينصّ على استحداث صندوق لدعم استخدام الطاقات المتجددة ورفع كفاءة الطاقة، والذي من شأنه أن يسهم في التوسع بمشروعات الطاقة المتجددة.
رابعاً: حتى على صعيد البحث العلمي فقد قامت وزارة الإدارة المحلية بالتعاون مع محافظة اللاذقية والمركز الوطني لبحوث الطاقة في 29/11/2021م، بعقد ندوة تحت عنوان “الطاقات المتجددة والعزل الحراري للأبنية الجديدة”، حسبما ذكرت وكالة الأنباء السورية، مما يثبت تعويل الدول السورية على التحوّل إلى الطاقة المتجددة، وبالمجمل مشاريع الطاقة سلسلة متكاملة دأبت عليها الدولة السورية مع اشتداد الضغوطات الاقتصادية على سورية واليوم تتوج بنقل إتمام عقد مستوى الاتفاقيات من النطاق الإقليمي إلى النطاق الدولي.
بالنتيجة تندرج خطوات الحكومة السورية في مجال الطاقات المتجددة عموماً ضمن إطار العمل على تخطي عقبات المرحلة الراهنة التي تمر بها سورية وسط الصعوبات التي تعانيها في توفير المشتقات النفطية بسبب عدة عوامل منها العقوبات المفروضة على البلاد وما ترتب على ذلك من أوضاع تخص خدمات الطاقة عموماً والكهرباء بشكل خاص، بعد أن وصل العجز لأكثر من 70%، إذ لا تتعدّى طاقة الإنتاج نحو 2500 ميغاواط، في حين أن حاجة البلاد تبلغ نحو 7 آلاف ميغاواط.
ومن المرجّح أنّ تشهد سورية مستقبلاً على الصعيد المحلي توسعاً بمشاريع الفولط ضوئية بواسطة القطاع العام بشكل محوري، واللجوء إلى التشبيك مع القطاع الخاص في هذا المجال لتخفيف المخاطر الناجمة عن هذه النوعية من المشاريع، الأمر الذي يجعل هذه المشاريع باباً مفتوحاً ومربحاً للاستثمار المحلي والخارجي.
بقلم الدكتور ساعود جمال ساعود