اختيار السيد عرنوس لتشكيل الحكومة السورية في هذه المرحلة، أثار كثيراً من التساؤلات التي تباينت بين الدهشة المرتابة والأمل، مروراً بالترقب الباهت.
اختيار السيد عرنوس وضمن أصعب مرحلة تاريخية تعيشها سوريا وسط تراكم الحروب، بعد استكمال دوائرها الأخلاقية والوطنية والإرهابية وأخيراً الاقتصادية والمعنوية، وجد تبايناً واسعاً في ردود أفعال المتابع السوري، فبينما ذهب فريق للتشكيك مدفوعاً بتوقعاته لشخصية جديدة أو من خلفية أكثر شهرة ربما، حيث تم طرح أسماء صناعيين وتجار مشهورين في المرحلة السابقة، اختارت أكثرية مقابلة أن تستسلم لمحدودية قدرة أي حكومة على إجراء خرق لواقع تبدو فيه المفاعيل الخارجية كالحصار الاقتصادي العالمي والأزمة الاقتصادية العالمية بعد كورونا هي الحكم الأهم، خصوصاً مع وجود احتلال تركي وأمريكي لأهم مصادر دخل الدولة السورية، فكانت اللامبالات السلبية أكثر وضوحا لديهم.
وبين هذين الرأيين، استطاعت الاصوات المتفائلة أن تجد مساحة مقبولة لها بين المختصين، خصوصاً لأنها رأت في هذه المرحلة ما لا بد من اعتباره، خصوصاً أن ضرورة سيطرة القطاع العام الذي لابد أن يكون الفاعل الأهم في المرحلة القادمة لكونه كان الملاذ الأهم للطبقة الأوسع، ولأنه استمر في تفعيل الدور المؤسساتي للدولة، فإن هذا القطاع العام سيحتاج لأحد أعضاء الحكومة الموجودين على رأس عملهم، ولكون السيد عرنوس ترأس عدة وزارات خلال السنوات الأخيرة وعدة مناصب قبلها، فهو يعتبر على الأقل خيار الضرورة المرحلية التي لا تحمل ترف الوقت للتعرف على عمل الوزارات وآلياتها.
إضافة إلى كون خيار وجود أحد نجوم الاقتصاد من القطاع الخاص سيكون ممانعاً للتوجه الذي بدأت ترسمه تصريحات الرئيس السوري التي أسست لتوجه اشتراكي ربما بخصائص سورية، وهو توجه سيعتمد بشكل أكبر على القطاع العام ودور الدولة التاجر الشاطر، حيث بدأت تجارب عمل الدولة على أن تكون وسيطا بين المنتج والمستهلك، والبحث عن بدائل ووسائل للتدخل بالسوق عبر أدوات مؤسسة التجارة الداخلية.
وأخيراً وبين حجج الأطراف الثلاثة ومعقوليتها يبقى للأيام القادمة الحكم النهائي، عبر ما ستحققه هذه الحكومة المحكومة سلفاً بواقع لم تعرف دولة في المنطقة أصعب منه.