جدّدت السيدة ريم هاشمي وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي ما سمّته مطالب إماراتية بالجزر الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى والتي بينهم وبين إيران ، وأكدت على المطالبة بحقهم في هذه الجزر إما من خلال التفاوض المباشر أو محكمة العدل الدولية، الأمر الذي فتح باب النقاش حول هذا الموضوع، والذي سندرسه بحياد وموضوعيه دون الانحياز لأي طرف.
حول المواقف من قضية الجزر الثلاث، يمكن القول بأنّه تتمتع الجزر الثلاث (جزيرة أبو موسى، جزيرة طنب الصغرى، جزيرة طنب الكبرى)، بالعديد من الميزات الاستراتيجية التي تجعلها أحد أبرز أسباب النزاع عليها، فهي تقع في منطقة حساسة من الخليج العربي، وتوجد بالقرب منها ممرات الملاحة البحرية، حيث تشرف على مضيق هرمز الذي يمر عبره يومياً حوالي 40% من الإنتاج العالمي من النفط، كما أنّه يربط بين خليج عُمان والخليج العربي؛ المعبر الرئيسي إلى المحيط الهندي، فمن يتحكّم في هذه الجزر يسيطر على حركة المرور المائي في الخليج العربي، وهذا ما يزيدها أهميةً، إضافة إلى أنّ الجزر الثلاث بحكم موقعها الجغرافي، صالحة للاستخدامات العسكرية أيضاً عبر استخدامها كمراكز للمراقبة العسكرية على السفن التي تعبر الخليج العربي، أما سواحلها، فيمكن استخدامها كملاجئ للغواصات وقواعد إنزال آمنة، لكون مياهها عميقة وتصلح لإقامة منشآت عسكرية، وأمّا بالنسبة للأهمية الاقتصادية لهذه الجزر، فإنّها تزخر ببعض الثروات الطبيعية المهمة مثل البترول وأكسيد الحديد الأحمر وكبريتات الحديد، والكبريت، مما أكسبها الكثير من الأهمية التي جعلت التفريط بها أمراً في غاية الصعوبة بين الأطراف المعنية بها.
وأمّا بالنسبة للخلاف بشأن هذه الجزر، فيتمثّل بادّعاء كلا الطرفين الإيراني جهة والإماراتي من جهة أخرى بتبعيتها له، ويقدّم كل طرف وجهة نظره الخاصة حيال هذا الموضوع.
بالنسبة لوجهة النظر الإماراتية، فتقول أنّ الجزر الثلاث، إماراتية الانتماء، بحكم القانون والتاريخ، وقد احتلها الشاه سابقاّ، وبما أنّ إيران قد تخلت عن ميراث الشاه، وأصبحت جمهورية إسلامية لها نزعة ديمقراطية بعد ثورة 1979م، فإنّه يجب-من وجهة نظرهم- على إيران أن تعيد هذه الجزر لأصحابها، ولقد عرضت أبو ظبي نزاعها مع إيران على الأمم المتحدة من جانب واحد قائلةً إنّها ستتجنب المواجهة مع دولة إسلامية جارة، ولقد تم إدراج قضية الجزر الثلاث على جدول أعمال مجلس الأمن الذي رُفع إليه في ديسمبر/كانون الأول 1971م حتى يتم إيجاد تسوية عادلة وشاملة ودائمة.
أمّا بالنسبة لوجهة النظر الإيرانية، فتقول أنّ الجزر الثلاث تدخل ضمن السيادة الإيرانية، ولها حق تاريخي فيها، حيث وصف المتحدّث باسم الخارجية الايرانية 10مارس/آذار/2017م، بهرام قاسمي أنّ سيادة إيران على الجزر الثلاث حقيقةٌ أبديةٌ لا يمكن إنكارها، وتعود هذه الحقيقة إلى تاريخ 30 نوفمبر/تشرين الثاني/ 1971م حيث تنازلت عنها الإمارات لصالح الشاه رضا بهلوي ، أمّا عن علاقة الكويت بهذا الموضوع، أي قضية الجزر الثلاث، فقد دعا رئيس مجلس وزراء الكويت جابر الصباح أمام أعمال اجتماعات الدورة الـ 67 للجمعية العمومية للأمم المتحدة في كلمة الكويت؛ إلى استجابة إيران إلى مبادرات دولة الإمارات العربية المتحدة الرامية إلى حل قضية الجزر الإماراتية الثلاث “المسيطر” عليها – حسب تعبيره-من قبل إيران، وفقاً لمبادئ وقواعد القانون الدولي، وبالاستناد إلى ما صرّح به رئيس الوزراء الكويتي، فإنّه يمكن الاستدلال على مشكلة إيران مع الكويت بصدد قضية الجزر الثلاث، والتي تعود إلى النظرة الكويتية لوضعية الجزر ولكيفية الحل، إذ تعدها إرث تاريخي اماراتي، وأن الشاه محمد رضا احتلها بالقوة رغم أنّ الفترة سابقة على قيام الثورة الإسلامية 1979م، وأن القانون الدولي يعني بنظرهم إرجاع الجزر للإمارات، وعلى هذا الأساس، فإن موقف الدولة الكويتية تجاه هذا الملف يتسبب بتوتر العلاقات بينها وبين إيران كلما أثيرت هذه القضية، والتي ما تزال عالقة بين الأطراف المعنية حسب وجهة نظرهم، وبالنسبة للباحث فإنّه يعتبر الجزر لإيران لأنّ الإمارات لم تتحد لغاية عام 1977م في حين كان زعيم إمارة القواسم يقوم بتأجيرها للشاه الإيراني محمد رضا البهلوي، ومن ثمّ إنّ الإمارات المتحدة بإثارة هذه القضية في أوقات لاحقة لا تتناسب مع القدم التاريخي لاستحواذ إيران عليها.
قلم د. ساعود جمال ساعود