ترجمه عن معهد كاتيخون: د. ساعود جمال ساعود – رئيس مركز الدراسات السياسية في مرصد طريق الحرير
نشر المفكر الجيوسياسي ألكسندر دوغين مقالاً في معهد “كاتيخون” بتاريخ 15/8/ 2025، قال فيه:” إن حركة “ماجا” (MAGA) ” جماعة ضغط في الداخل الأمريكي خفية”، تمثّل قوة ثالثة حقيقية تعارض “الدولة العميقة” في الولايات المتحدة الأمريكية، لكنها الآن في حالة تصدع وتفكك من قبل نواة الحزب الجمهوري المحافظة الجديدة حسب رأيه، ووفقاً لدوغين يجد ترامب نفسه واقعاً بين الطرفين، وقد يستخدم ولاية ألاسكا كفرصة أخيرة لاستعادة سيادته وإعادة التواصل مع قاعدته الشعبية”.
تُعد حركة “ماجا” ظاهرة سياسية وإيديولوجية بالغة الأهمية، وكان لها دور حاسم في انتصار ترامب، ولكن دوغين يصف ترامب بأنه ” حل وسط بين الحزب الجمهوري” و”ماجا”، فبعد أن فاز بالانتخابات بدعم من “ماجا”، انتقل ليعمل مع النواة المحافظة الجديدة في الحزب الجمهوري.
المحافظون الجدد في الحزب الجمهوري يريدون من ترامب أن يتخلّى عن علاقته بجماعة “ماجا” بشكل لا رجعة فيه ويصبح محافظاً جديداً، ويفترض دوغين أن الحزب الجمهوري يستغل ويستفز الصراعات الداخلية في “ماجا”، وبهذا يرى دوغين أن هناك ثلاث وحدات سياسية: الحزب الجمهوري المحافظ الجديد، وحركة “ماجا” التي تعيش حالة من الفوضى، وترامب الذي يمثل نفسه كديكتاتور ذي سيادة على قمة كليهما.
يعتبر دوغين حركة “ماجا” طرفًا ثالثاً، يعارض بشكل جذري ما يسميه “الحزب الواحد” (Uniparty)، المتمثل في تحالف “الدولة العميقة” مع المحافظين الجدد والعولميين، ويشير إلى أن “الحزب الواحد” يعمل على تفكيك “ماجا” التي أصبحت تهديداً خطيراً بعد أن اكتسبت نفوذًا هائلًا، ويرى دوغين أن السياسي “فانس” يمثل فرصة ثانية لتكرار سيناريو ترامب، كونه حلًا وسطًا بين “ماجا” والحزب الجمهوري، ولكن الحزب الجمهوري (المحافظين الجدد)، يشعر الآن أنه قوي جدًا لدرجة لا تسمح له بالتسامح مع فانس، ولهذا يرى دوغين أن فانس من الأرجح أن يصبح شخصية رئيسية في “ماجا” بدلاً من أن يتعرض لانتقادات من أفرادها المحبطين، ويفترض دوغين أن “بيتر ثيل” هو من توسط في صفقة “ماجا” – الحزب الجمهوري التي أبرمها ترامب، لكن الحزب الجمهوري نقض الاتفاق لاحقاً، وفقاً لدوغين، لأسباب تتعلّق بـ”عامل إسرائيل الكبرى وقائمة إبستين”، بعد ذلك تخلى ترامب عن “ماجا” وبدأ يكون قوة مستقلة، وهو ما يصفه دوغين بأنه “الانتقال من الديكتاتورية التفويضية إلى الديكتاتورية السيادية على طريقة كارل شميت”.
يرى دوغين أن ترامب يسعى الآن لاستخدام نفوذه كأعلى سلطة على “ماجا” والحزب الجمهوري على حد سواء، ورغم أن قطب “الدولة العميقة” هو السائد حاليًا، إلا أنه يهدد سيادة ترامب، وفي هذا السياق، لم تكن قضية ألاسكا مرغوبة من “الحزب الواحد”، بينما كانت “ماجا” متحمسة جدًا بشأنها.
ختم دوغين بالقول: ” إن ترامب اتخذ “خطوة كبيرة جدًا” نحو “الدولة العميقة” في الأشهر الأخيرة، وأن ألاسكا تمثل الآن فرصته الأخيرة لتحسين الوضع واستعادة التوازن، لأن “الدولة العميقة تسيطر الآن على ترامب بشكل علني ووحشي”.
على الرغم أن دوغين يقدّم نفسه كمحلل للسياسة الأمريكية، إلا أن تحليله لا يمكن فصله عن موقعه كمفكر روسي له أجندة جيوسياسية واضحة، يظهر ذلك بوضوح في تركيزه على قضية أوكرانيا، وافتراض أن “النجاح الحقيقي لألاسكا سيكون إذا لم يذكر بوتين وترامب أوكرانيا على الإطلاق”، وهذا يصور الحدث المحتمل كأداة لخدمة مصالح روسيا أولاً، وليس كجزء من استراتيجية داخلية أمريكية.