بإذان صماء .. وقلوب قدّت من صخر .. لا ترثي لذي شجن طفلاً كان أو أمرأة ولا شاباً بمقتبل العمر .. تستمر اسرائيل بحرب تجاوزت الـ 300 يوماً ، بعمليات القتل والتدمير والتهجير ؛ عملياتٌ أودت بأكثر من 40 الف شهيد وما يفوق الـ 90 الف جريح.
المشهد الميداني في قطاع غزة بشماله ووسطه وجنوبه يرتسم وفق ما تخطه آلة الحرب الإسرائيلية : قصف ومجازر ليس أخرها مجزرة مدرسة التابعين، وتقيد للمساعدات الصحية والإنسانية، وإفقار الفلسطينيين من أبسط مقومات الحياة، ولعل منظر طوابيرهم بانتظار الغذاء والماء يوضح ما يعجز القلم عن شرحه.
من جهتها تستمر فصائل المقاومة بتثبيت مواقفها ميدانياً ، فلا يكاد يمر يوماً دون استهداف للقوات الإسرائيلية وقنص لأفرادها وتدمير لعتادها، هذا ما تقوم به كتائب القسام في تل الهوى جنوب غزة ، وسرايا القدس في خان يونس وخان طومان، وفصائل أخرى تدخل الكيان بحالة استنزاف وتوتر داخلي بالتنسيق مع جبهات الإسناد.
الجهود المعلنه سياسياً لإيقاف الحرب وعودة الأسرى مستمرة، وأخر تجلياتها مؤتمر الدوحة بمشاركة واشنطن ذات المسارات المتناقضة تجاه حرب غز ة ، مؤتمر رغم الإنطباع الإيجابي الذي صدّره البيان الختامي للمشاركين، إلا أنه لم يمتخض عنه أية نتائج فعلية، أمر وعته حماس التي لميمنعها غيابها عن المشاركة، من الإحتجاج على مقترحات نتنياهوبخصوص استثنائه قضية الإنسحاب من محوري فيلادلفيا ونتساريم، الأمر الذي رأت به حماس تعارضاً مع إعلان بايدن وقرار مجلس الأمن اللذان وافقت عليهما في تموز/ يوليو المنصرم.
تعثّر المسار السياسي يبدو أنه أمر طبيعي في ظل استثمار الديمقراطيين الأمريكيين لورقة المفاوضات قبيل المرحلة النهائية لأنتخاباتهم الرئاسية أمام الجمهوريين، إضافة إلى رؤية نتنياهو باستمرار الضغط السياسي والعسكري على حماس كسبيل حصري لإعادة الأسرى، رؤية دعمها بأوامره لجيشه بزيادة حدة القتال في غزة ، متجاهلاً مظاهرات الداخل ضده للمضي بالحل السياسيي، لتستمر الحرب ضد غزة رغم ارتداداتها سياسياً وعسكرياً واقتصادياً على حكومة نتنياهو.