الدورتين السنويتين ليستا مجرد حدث سياسي كبير ومهم في الحياة السياسية في الصين، ولكنهما أيضا نافذة مهمة للعالم الخارجي للتعرف على الصين وفهم الدولة التي تخطو بخطى واثقة نحو مصاف الدول العظمى، خاصة وأنها لعبت دورا كبيرا في الشؤون الدولية والإقليمية خلال السنوات العشر الأخيرة، وفي ظل بزوغ عالم متعدد الأقطاب.
أولاً: أهمية الدورتين السنويتين:
منذ أقتراب موعدها والمراقبين الدوليين يتابعون عن كثب هذا الحدث الداخلي الذي لا تقف أصدائة داخل حدود الصين بل تتعداها مع تأثيراتها إلى خارجها لتطال بأثارها الإيجابية حتماً شتى بقاع العالم.
لم يكن فقط العالم الخارجي على ثقة بأهميتها وخطورة هاتين الدورتين بل كان الداخل أشد تعوبلاً عليها، حيث طالبوا المراقبين والمحللين الدوليين بتتبع هذا الحدث وتحليلله.
لقد حظيت الدورتان السنويتان بمتابعة دول العالم أقتصادياً وسياسياً لما خبروه عن الأقتصاد الصيني من مرونة وديناميكية والمقدرة على جذب الإستثمارات الأجنبية الخارجية بفضل السياسية الإستثمارية التي تقدمها الحكومة الصينية للشركات الأجنبية حيث بلغت الإستثمار الأجنبي حسب بيانات وزارة التجارة الخارجية الصينية ما نسبته 130.3 مليار دولار أمريكي أواخر عام 2023م.
ثانياً: على صعيد الدلالات:
حظيت الدورتان السنويتان 2024 بأهمية خاصة، ليس بالنسبة للصين فحسب، وإنما أيضا بالنسبة لكافة دول العالم، لاسيما وأنه يتم خلالهما الكشف عن سياسات وخطط الصين خلال عام مقبل على المستويين الداخلي والخارجي.
أولاً: المستوي الداخلي، يتم خلال الدورتين وضع الخطوط العريضة لسياسات الصين المتعلقة بالعديد من المجالات، ومن أبرزها الاقتصاد والتنمية والتجارة والدفاع والمجتمع والبيئة، إلخ. وذلك بهدف العمل بنشاط على استعادة النمو الاقتصادي وتحفيز خلق فرص العمل، والسعي الجاد لحل المشكلات التي يواجهها المجتمع الصيني.
ثانياً:المستوى الخارجي، فإن الخطط المشار إليها تتضمن الإفصاح عن أبرز توجهات السياسة الخارجية للصين في إطار علاقاتها مع العالم الخارجي، سواء على صعيد علاقاتها الاقتصادية مع دول العالم، أو على صعيد توجهات سياستها الدفاعية للتعامل مع التحديات الأمنية للبيئتين الإقليمية والدولية.
ومن هنا، فإن كافة دول العالم تنظر بكل اهتمام للقرارات والرؤى التي يتم الكشف عنها خلال الدورتين، خاصة في ظل انعقادهما في سياق ظروف عالمية معقدة ومشكلات اقتصادية وحروب، كالأزمة الأوكرانية وحرب إسرائيل في غزة، وغيرهما من الأزمات العالمية.
ثالثاً:على صعيد المضامين:
تأكيد صلابة الاقتصاد الصيني حدد تقرير أعمال الحكومة هدفا لنمو الناتج المحلي الإجمالي بنحو 5% للعام 2024. وقد تم تحديد هذا الهدف بعد أن أظهر الاقتصاد الصيني صلابة ومرونة في عام 2023، حيث سجل نموا بنسبة 2ر5% على أساس سنوي. ويتوافق معدل النمو هذا مع أهداف الخطة الخمسية الـرابعة عشرة وهدف تحقيق التحديث بشكل أساسي. كما يأخذ في الاعتبار إمكانات النمو والظروف الداعمة للنمو، ويعكس المطلب المتمثل في السعي وراء التقدم وبذل جهود دؤوبة لتحقيقه.
الإقرار بوجود صعوبات وطرح حلول لمواجهتها، حيث أشار التقرير إلى الصعوبات والتحديات المتعددة التي تواجهها البلاد، مثل عدم وجود أساس متين بما فيه الكفاية للتعافي والنمو الاقتصادي المستدام ونقص الطلب الفعال. كما ذكر التقرير أنه سيتم اتباع سياسة مالية استباقية وسياسة نقدية حكيمة بشكل مستمر في عام 2024. كما تم الكشف عن مجموعة من التدابير لتعزيز النمو للعام الجاري، بما في ذلك إصدار 9ر3 تريليونات يوان (الدولار الأمريكي يساوي 1ر7 يوانات تقريبا حاليا) من السندات ذات الأغراض الخاصة للحكومات المحلية، وإصدار سندات خزانة خاصة طويلة الأمد للغاية. وفي الوقت نفسه، ستعالج البلاد الأعراض والأسباب الجذرية لنزع فتيل المخاطر في قطاع العقارات وديون الحكومات المحلية والمؤسسات المالية الصغيرة والمتوسطة الحجم للمحافظة على الاستقرار الاقتصادي والمالي الشامل.
رابعاً: تقييم أعمال الدورتين:
ولقد أكدت الدورتان السنويتان على لسان الرئيس تشي جين بينغ على تطوير الخطوط الإنتاجية وصياغة السياسات للقطاع الصناعي والتي اصدرت نقاشات ونتائج الدورتان السنويتان.
كما ظهر من نتائج الدرورتان السنويتان مرونة السياسة الصينية وكونها سياسة تتمتع بالثبات وتسعى إلى تعزيز الإستقرار العالمي وتحقيق الكسب المشترك مع دول العالم الأخرى، مما يشير أن الصين قد أصبحت مصدر ثقة وإستقرار لدى دول العالم لا سيما سياسات القضاء على الفقر والحد منه.
ولقد خرجت نتائج الدورتان السنويتان بالعديد من القرارات الهامة على صعيد الإقتصاد منها على سبيل المثال الموافقة على تقرير خطة 2024م للتنمية الإقتصادية والسياسية.
كما صرح وزير التجارة الخارجية الصيني أنه من المتوقع أن تحافظ التجارة الخارجية الصينية على النمو في النصف الأول من عام 2024م على مستوى الصادرات والواردات.
وبالنتيجة، أكملت الدورة السنوية أعمالها بنجاح وأظهرت نقاط القوة الكبيرة لديمقراطية العملية الشعبية الكاملة وقوة النظام السياسي للبلاد، وأظهرت نتائجها لا سيما الإقتصادية سير العمل الحكومي الصيني بما يتماشى مع فلسفة التنمية المتموكزة حول الشعب وتطوير العملية الشعبية والإسهام في التحديث صيني النمط الذي أصبح محط أنظار دول العالم أجمع وعامل جذب لدول العالم تجاه الصين التي تتصدر العالم دبلوماسياً اليوم بفضل حرصها على السلم والأمن الدوليين ونبذ الصراعات الدولية.