روسيا بتاريخ 21/ فبراير/شباط/ 2022م، أوّل دولة عضو في الأمم المتحدة، تعترف بصورة رسمية بجمهوريتي لوغانسك ودونيتسك بعد البدء بالعملية الروسية العسكرية الخاصّة في أوكرانيا، علماً أن جمهورية دونيستك أعلنت استقلالها مع جمهوريتي لوغانسك وكريميا منذ عام 2014م.
من المعروف أنّ الاعتراف بالجمهوريتين دونيستك ولوغانسك من قبل روسيا، جاء في إطار التنسيق معها ضد أوكرانيا وداعيميها من دول الناتو، علماً أن التنسيق تعدّى مسألة الاعتراف التي تعتبر مسألة شكلية، ومن الضروري كخطوة دولية جلب المزيد من الاعتراف الدولي بهاتين الجمهوريتين لتكون لها هويتها المستقلة في وجودها وفي سياق التعاملات الدولية معها بالمجالات كافّة، وهنا اعتراف الدول بدونيستيك ولوهانسك، كان ومازال متوقعاً بأنّ يبدئ بالدول التي تقف موقفاً متعاطفاً منهما أو من روسيا لأن الاعتراف بهما خدمة مباشرة لروسيا، وفي هذا السياق روجت بعض وسائل الإعلام لخبر مفاده أن إيران توقع اتفاقية تجارية مع دونيستيك في خطوة غير مباشرة للاعتراف بها عبر تطبيع العلاقة معها.
في هذا السياق شهدت الساحة الاعلامية الإيرانية سجال حاداً حيال هذا الخبر المتداول بين من نفاه رسمياً وبين أخر أثبته، حيث نفت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية ، نقلاً عن مصدر مطلع في وزارة الخارجية، نبأ توقيع اتفاقية تجارية بين إيران ودونيتسك ، ومن جملة المثبتين عدم صحة الخبر، وكالة ايرنا التي نقلت عن مصدر لم تذكر اسمه في وزارة الخارجية للجمهورية الاسلامية قوله: “ان توقيع اتفاقية التجارة “خبر كاذب” لراديو فاردا”.
في حين أكد كلاً من نادي الصحفيين الشباب هذا الخبر في حين أكد كلاً من نادي الصحفيين الشباب هذا الخبر يوم الاثنين 20/6/2022م، في خبر بعنوان “دونيتسك؛ أكد شريك إيران الجديد على الجانب الآخر من البحر الأسود توقيع هذه الاتفاقية التجارية وكتب: “دونيتسك ، الشريك الجديد لإيران من أرض القياصرة على الجانب الآخر من البحر الأسود، كذلك أفاد راديو فاردا النبأ نقلاً عن قناة Telegram التي يقودها دينيس بوشلين ، الذي نصب نفسه رئيسًا لمدينة دونيتسك بأوكرانيا منذ عام 2018م بعد مقتل سلفه بظروف غامضة، كذلك أفاد راديو فاردا النبأ نقلاً عن قناة Telegram التي يقودها دينيس بوشلين ، الذي نصب نفسه رئيسًا لمدينة دونيتسك بأوكرانيا.
وكتب موقع نادي الصحفيين الشباب أنه: “تم توقيع الاتفاقية بين الجمهورية الإسلامية ومنطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا في قمة سانت بطرسبرغ الاقتصادية يوم السبت”، وأضاف نادي الصحفيين الشباب أنه بموجب الاتفاقية ، ستصدر جمهورية دونيتسك مواد مثل المعدن المدلفن والحديد الزهر والأسمدة المعدنية ومنتجات الصلب ومنتجات شركات هندسة الفحم إلى إيران ، وفي المقابل ، مواد البناء والفواكه والخضروات إلى دونيتسك الصادرات.
عموماً لسنا بصدد تكذيب الخبر أو إثباته، لطالما أن متناقليه متناقضين من حيث الإثبات والنفي، ولكني لا أرى خطأ في توقيع مثل هذه الاتفاقيات مع جمهورية مستقلة منذ عام 2014م بما أن هذه الجمهورية في خانة الدول الصديقة لإيران، إيران التي تمر بفترة عقوبات اقتصادية تحتاج لفتح قنوات انفتاح على العالم الخارجي كـ دونيستيك القريبة من البحر الأسود.
وفي معرض الحديث نشير لمسألتين رئيسيتين: أحدهما: إعلان وسائل إعلام الجمهورية الإسلامية ، قبل أيام ، إطلاق الممر الشمالي – الجنوبي ، وهو طريق تجاري بين روسيا والهند عبر إيران التي أحسنت أمرين: استغلال الظرف السياسي للتقرب من روسيا أولاً، توسيع نطاق محور الممانعة ضد الأمريكي ثانياً، استغلال الميزات الجيوسياسية لموقع إيران، لعب حلقة الوصل التي تعطيها مكانة سياسية ولاعب محوري لا يمكن تجاهله، كما تستفيد من فتح هذه الثغرة في العقوبات الاقتصادية.
والأخر: عندما يتحدّث خامنئي في لقاء مع الرئيس الكازاخستاني عن حالة أوكرانيا، ويقول بأنّ المشكلة الرئيسية هي أن الغرب يسعى لتطوير حلف شمال الأطلسي، ولن يترددوا في توسيع نفوذهم حيثما أمكنهم ذلك”، فإنّ هذا يحمل في طياته الكثير منها أن إقدام إيران على إطلاق الممر الشمالي- الجنوبي ذو أبعاد أمنية خفية تقوم على تحقيق المزيد من التشبيك الأمني والسياسي والاقتصادي.
عموماً أنّ العقوبات الدولية قد زادت على موسكو منذ الغزو الروسي لأوكرانيا ، لكن الجمهورية الإسلامية سعت إلى تعزيز علاقاتها مع روسيا علماً أن روسيا اليوم هي بحاجة إيران بدرجة أكبر من الحاجة الإيرانية لروسيا، التي باتت بحاجة لكل حليف من حلفائها.
بقلم الدكتور ساعود جمال ساعود