منذ نهاية الحرب العالمية الثانية سيطرت الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية واليابان على الكثير من أعمال إقراض المال للبلدان الفقيرة لمساعدتها على بناء بنيتها التحتية وتعزيز اقتصاداتها الضعيفة، وكثيرا ما اقترنت هذه القروض التي قدمت من خلال البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وبنك التنمية الآسيوي بفرض برامج اقتصادية صارمة على هذه البلدان.
ولكن اليوم أصبحت الصين لاعب أساسي في هذا المجال بعد تأسيسها البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية والذي يقدم القروض لمشاريع النقل والطاقة والاتصالات، وقد انضمت العديد من الدول لهذا البنك من ضمنها المملكة المتحدة وألمانيا وإيطاليا وفرنسا وروسيا، على الرغم من المعارضة الشديدة من قبل الولايات المتحدة .
البنك الآسيوي لاستثمارات البنية التحتية AIIB
صدرت أول تقرير إعلامي عن البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية في 2013
فقد اعتبرت الحكومة الصينية حينها ” أن هناك بطء في الإصلاحات والحوكمة، وتريد دوراً أكبر في المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي، البنك الدولي وبنك التنمية الآسيوي والذين يقعون تحت هيمنة المصالح الأمريكية، الأوروبية، واليابانية”.
معهد بنك التنمية الآسيوي نشر تقرير في 2010 يقول أن المنطقة تحتاج إلى 8 تريليون دولار للاستثمار من 2010 حتى 2020 في مجال البنية التحتية للمنطقة من أجل استمرار التنمية الاقتصادية.
في افتتاحية 2014، نشرت صحيفة الكارديان أن البنك الجديد من شأنه أن يتيح لرأس المال الصيني تمويل هذه المشروعات وأن يسمح للصين بلعب دور أكبر في التنمية الاقتصادية للمنطقة والذي يتناسب مع نفوذها الاقتصادي والسياسي المتنامي.
في 2014 اقترحت الصين مضاعفة رأس المال المسجل للبنك من 50 بليون إلى 100 بليون دولار ودعت الهند للمشاركة في تمويل البنك.
في 24 تشرين الاول 2015، عقدت مراسم التوقيع في بكين، والاعتراف الرسمي بتأسيس البنك.
وقع على الوثيقة 21 بلد، والتي تشمل: الصين، الهند، تايلاند، ماليزيا، سنغافورة، الفلپين، پاكستان، بنگلادش، بروناي، كمبوديا، قزخستان، الكويت، لاوس، ميانمار، منغوليا، نيپال، عُمان، قطر، سريلانكا، أوزبكستان، وڤيتام.
وسرعان ما انضمت ثلاث دول أوروبية أخرى – ألمانيا وفرنسا وإيطاليا – محتذين حذو المملكة المتحدة في الانضمام للبنك.
وقد صرح وزير المالية الألماني حينها : “نريد أن نسهم بخبرتنا الطويلة في المؤسسات المالية الدولية في خلق بنك جديد بوضع معايير عالية ولمساعدة البنك في الحصول على سمعة دولية مرموقة”
واشنطن، التي ترى البنك تهديداً للسلطة العالمية للبنك الدولي، واصلت التساؤل حول ما إذا كان البنك الجديد سيعمل وفقاً للمعايير العالية التي يتـَّبعها البنك الدولي.
وبذلك تكون الاقتصادات الأربع الكبرى في أوروبا قد خالفت نهج واشنطن، ليتلوهم فيما بعد العديد من الدول الأوروبية الأخرى.
المصالح المشتركة
تسعى الدول الأعضاء في هذا البنك إلى تعزيز علاقاتها مع الصين وإبرام صفقات بعملتها “اليوان” ويأتي هذا مع سعي الصين وهى ثاني أكبر اقتصاد في العالم، إلى زيادة تأثيرها في قرارات المؤسسات المالية العالمية.
– بدأ البنك أعماله رسميا في يناير/كانون الثاني عام 2016، ليستثمر في إعادة بناء “طريق الحرير” الذي يربط الصين بأوروبا من خلال الطرق السريعة وخطوط السكك الحديدية.
– قدر بنك التنمية الآسيوي أن آسيا ستحتاج إلى استثمارات بقيمة 8 تريليونات دولار في البنية التحتية الجديدة في عام 2020 وعلى الرغم من أن البنك الدولي حينها كان لديه 223 مليار دولار من الأموال المتاحة ولكن 15% فقط من قروضه موجهة نحو آسيا.
– بعد قرار كندا بالانضمام إلى البنك الآسيوي للاستثمار لم يتبق من الدول الأعضاء في مجموعة السبع التي لم تنضم للبنك سوى الولايات المتحدة واليابان .
بنوك الإقراض الدولية
– تم إنشاء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير الذي أصبح فيما بعد البنك الدولي بعد قمة “بريتون وودز” في عام 1944، كجزء من محاولات إعادة بناء أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.
– يقدم البنك الدولي الأموال من أجل تعزيز التنمية الاقتصادية على مستوى العالم، ويشرف صندوق النقد الدولي على السياسات النقدية وأسعار الصرف ويقدم القروض الطارئة للدول.
– يستحوذ الأوروبيون دائما على أعلى المناصب في صندوق النقد الدولي كجزء من حالة التفاهم التي تعطي الولايات المتحدة السيطرة على أعلى منصب في البنك الدولي، وتتولى اليابان رئاسة بنك التنمية الآسيوي منذ تأسيسه في عام 1966.
– رفض الكونجرس الأمريكي الموافقة على التغييرات التي اقترحها صندوق النقد الدولي في عام 2010 لإعطاء الدول الناشئة مثل الهند والصين مزيدا من السيطرة على إدارته.
ردود وتساؤلات انشاء البنك
– ذكرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” أنه نظرا لنوعية الحكومات التي تتلقى القروض من البنك الآسيوي للاستثمار فإنه يثير المخاوف من خلال تقويضه الضغط الحادث على الدول الفاسدة من أجل زيادة عملية الإصلاح.
– يقول البنك إن المشروعات التي ستطلب القروض سوف يتم مراجعتها من قبل تسعة مديرين من آسيا وثلاثة من خارجها والرئيس التنفيذي “جين لي تشون”، كما سيكون هناك أيضا وحدة خاصة للإشراف على الامتثال والنزاهة.
– ستحصل الصين على نسبة 26.06% من حقوق التصويت، مما يسمح لها بإعاقة القرارات الرئيسية التي تتطلب الموافقة بنسبة 75% .
– عن طريق توجيه الأموال من خلال البنك الآسيوي للاستثمار، تأمل الحكومة الصينية كسب المزيد من النفوذ بين جيرانها، بينما تخشى الولايات المتحدة من أن يؤدي هذا إلى دفع المقترضين إلى غض النظر عن التحركات العسكرية الصينية في المنطقة.
-كتب وزير الخزانة الأمريكي السابق “لاري سمرز” أن عجز الولايات المتحدة عن إبقاء حلفائها خارج البنك الآسيوي للاستثمار يمثل فشلا في “استراتيجيتها” كما أنه وضع حدا لدور الولايات المتحدة كمقرض رئيسي للعالم.
واليوم الصين تعمل بجهد وجد مع حلفائها في مبادرة الحزام و الطريق ليكون البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية AIIB أحد الأدوات المالية الهامة في تحقيق امال و تطلعات الدول على طول طريق الحرير الجديد .
مرصد طريق الحرير