على الرغم من استهلاك روسيا حوالي 457 بليون متر مكعب سنوياً، إلا أنها احتلت المرتبة الأولى في تصدير الغاز الطبيعي حيث بلغ حجم صادراتها عام 2020م 199،9 مليار متر مكعب، في حي تأتي أمريكا بالمرتبة الثانية حيث بلغت صادراتها 149،5 مليار متر مكعب.
وعلى صعيد احتياطي الغاز في روسيا، فقد أحتلت المرتبة الأولى بتصدير الغاز في العالم 48،9 ترليون متر مكعب في عام 2020م، هذا وتمتلك روسيا أكبر حجم من احتياطيات الغاز الطبيعي الغير مكتشف، 6.7 تريليون متر مكعب إضافية، حسب تقديرات المسح الجيولوجي الأمريكي.
بالنسبة لحصة الاتحاد الأوربي من الغاز الروسي عبر خط نورد ستريم 1 للأنابيب، عام 2021، صدرت روسيا للاتحاد الأوروبي 155 بليون متر مكعب من الغاز الطبيعي، ما يشكل حوالي 45% من إجمالي صادرات الاتحاد الأوروبي من الغاز و40% من إجمالي استهلاكه من الغاز. فقد أشارت بيانات منظمة أوبك أن 16% من صادراتها ذهبت إلى ألمانيا أي ما يقارب ما يقارب 55% من حاجة ألمانيا للغاز ، 12مقابل 10% إلى دول منتمية إلى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. الأمر الذي أعطى قيمة محورية للغاز الروسي بالنسبة لقطاعة الطاقة الأوربي في حال قطع روسيا للغاز عن أوربا لا سيما ألمانيا.
وبعد بداية العملية الروسية في أوكرانيا تحديداً في 31/مارس/ 2022م، الرئيس الروسي ڤلاديمير پوتن أصدر تعليماته لاتخاذ الإجراءات لتغيير عملة الدفع لإمدادات الغاز الطبيعي إلى دول الاتحاد الأوروبي والدول الأخرى؛ الأمر الذي أوقع الدول الأوربية في مأزق لا سيما ألمانيا لعدم قدرتها على التخلي عن الغاز الروسي على المدى القصير، وله مخاطر بخسارة آلاف الوظائف ووقف الإنتاج.
تجاوزت أسعار الغاز في أوروبا، فقد صعدت العقود الآجلة للغاز الطبيعي بنسبة 7.4% إلى 1715 دولار لكل ألف متر ، بحسب بورصة لندن ICE. في ظل انخفاض إمدادات الغاز الطبيعي من روسيا، بسبب عراقيل نتيجة العقوبات الغربية المفروضة على موسكو.
وبسبب مخاوف من فرض حظر على استيراد موارد الطاقة الروسية، ففي 7 مارس 2022 سجلت أسعار الغاز 2560.7 دولار لكل ألف متر مكعب، وعقب ذلك تراجعت الأسعار وفي 6 يونيو 2022، إلى أقل من 900 دولار لكل ألف متر مكعب.
ولقد أدى عدم وجود مصادر بديلة للغاز الروسي إلى تمكن روسيا من فرض حصار خانق على أوربا على وقع أزمة الطاقة على وقع خفض إمدادات عملاق الغاز الروسي «غازبروم» إلى البلدان الأوربية
وحول خسائر الاتحاد الأوربي بسبب ارتفاع اسعار الغاز الروسي، فقد قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين17/6/2022م :” أن خسائر الاتحاد الأوروبي المباشرة من فرض العقوبات ضد روسيا بلغت إلى الآن 400 مليار دولار، وأكّد أن الميزانية الروسية في 2022 ستسجل فائضا بقيمة 3 تريليونات روبل (51.7 مليار دولار)”.
كان الغاز القطري أحد الحلول البديلة لتأمين الإمدادات كثيرة لكونها من كبار المصدرين للغاز المسال في العالم، فقد بلغت صادرات قطر ككل بلغت في العام 2020 نحو 128 مليار متر مكعب من الغاز، بما في ذلك 21.8 صادرات عبر الأنابيب و106.1 صادرات غاز طبيعي مسال، كما أحتلت قطر المرتبة الثالثة عالمياً بإنتاج الغاز، ولقد بلغ احتياطي قطر من الغاز الطبيعي 24.7 تريليون متر مكعب أي 13.1% من الاحتياطي العالمي
ورغم ما سلف هنالك عوائق تحول دون اعتماده بديل عن الغاز الروسي بالنسبة لإوربا لأن 90% من إنتاجها عقود طويلة الأمد لدول أسيوية، والأمر يحتاج إلى تحضيرات كبيرة وبنية تحتية ممتازة واستثمارات ذات أمد طويل، في حين روسيا توفر قرابة 40% من واردات أوروبا من الغاز.
وبالعودة للخط القطري – التركي الذي كان من المقرر أن يمر بسوريا وبسببه قامت الحرب على سورية لدرجة كبير، لو أنّ الخط القطري تم إنجازه لكانت قطر تصدر إلى أوربا من الجزء القطري من حقل جنوب ما يكفيها لقرابة 50 سنة لكونه يضم أكثر من 900 تريليون قدم مكعب، على فرض تخصيص الجزء الأكبر لأوربا، ولكن عدم قيامه يمثل حرمان لأوربا من هذه الكمية، وهذا ما يحسب لسورية.
بالنتيجة لو تم الأمر للخط القطري – التركي لكان الأن في ظل العملية الروسية الأوكرانية ورقة رابحة بيد الدول الأوربية، ولكانت المواجهة العسكرية أشد وطأة والعقوبات الاقتصادية أكثر شمولاً وأطول زمنياً، ولما تمكنت روسيا من الصمود لفترة طويلة في ظل المؤثرات السلبية التي تمكنت من تفاديها، ولذهبت الأرباح التي بولندا وأوكرانيا نظير عائدات رسوم العبور التي كانت تدفعها شركة غازبروم إلى سورية التي تمسك بتحالفاتها السياسية ورفضت التضحية بها جراء العروض العربية والغربية.
بقلم الدكتور ساعود جمال ساعود