شهدت أسعار العقارات ارتفاعاً كبيراً في الآونة الأخيرة نتيجة لزيادة الطلب على العقارات كملاذ آمن أخير لاستثمار الأموال وحفظ قيمتها، في الأزمات والحروب يلجأ الكثير من الناس للإستثمارات الآمنة ( عملات صعبة – ذهب – عقارات ) لحفظ مدخراتهم وأموالهم من فقدان قيمتها الشرائية وعن العملات الصعبة لم يعد المواطن يمتلك الجرأة في ادخارها أو طلبها بكميات كبيرة ، أما الذهب فقد كان الملاذ الأنسب في السنوات الماضية نظراً لاقتران سعره بالسعر الحقيقي ولكن بعد أن أحدثت جمعية الصاغة فجوه في سعر الذهب بين الشراء والبيع الحقيقي في الأسواق وارتفاع أجور الصياغة بشكل جنوني ، انخفض الطلب على الذهب كملاذ آمن ، مع رؤية المستثمرين الأذكياء في البداية أن سعر العقارات لم يرتفع بعد فاتجهت الأنظار نحو العقارات ليسبب موجة طلب مفاجئة أدت الى ارتفاع العقارات بنسب متفاوته من 50 – 100 % حسب المنطقة ،
اثار الارتفاع الجنوني في العقارات : ارتفاع أسعار الإيجارات تماشيا مع قيمتها الحالية وعزوف الكثير من مالكي العقارات عن التأجير واضعين عقاراتهم للبيع مما أدى الى خفض المعروض من بيوت الإيجار وبالنتيجة ارتفاع أسعار الإيجارات : بناء محاضر جديدة ، اكساء بيوت جديدة ، احداث مجمعات سكنية جديدة .. كل هذا أدى الى زيادة الطلب على مواد البناء لترتفع بشكل جنوني هي الأخرى وبنسب قد تفوق نسبة ارتفاع ثمن العقارات ،
الخطير هنا : تحول الرساميل المنتجة باتجاه الإستثمار في العقار كمشاريع ربحية آمنة و الإستغناء عن الإستثمار أو إعادة الإستثمار في قطاعات الانتاج الحقيقي من زراعة و صناعة نظراً لما تتعرض له هذه القطاعات من ضغوطات اقتصادية متعددة من ارتفاع تكاليف الانتاج ، صعوبة استيراد المواد الأولية و الخسائر الممكنة اذا ارتفع سعر الصرف مرة أخرى ،
وبالنتيجة تبددت الثروة المالية في شراء تكاليف مواد البناء و أجورها ،
أما عن توقعات طريق الحرير للمدى القصير فهي عندما ينتهي المستثمرون من الشراء والتأكد أنهم حصلوا على ما يبتغون ينخفض الطلب وتستقر الأسعار وتتحول كتلة جيدة من العقارات المعروضة للبيع الى عقارات للإيجار مع بقاء سعر الإيجار مرتفعاً نظراً لقوة الطلب على الايجار ، لندخل بعدها مرحلة جمود وتوازن في أسعار العقارات قد تستمر فترة أشهر ويضغط على أسعار العقارات لتنخفض بشكل بسيط ، أما من استثمر في العقارات بشكل كبير ينتظر موجة ارتفاع جديدة لسعر الصرف ليرفع أسعار عقاراته مرة أخرى دون أن يعلم أنّ ملاذه الآمن ليس منتجا في هذه المرحلة،
ويسأل طريق الحرير.. هل هذا ما نحتاجه في المرحلة الحالية ؟؟ كان من الأجدر أن يتم تشجيع المنتجين لإعادة الإستثمار في قطاعاتهم الإنتاجية من زراعة و صناعة وتقديم كافة التسهيلات للحفاظ على رساميلهم في قطاعاتهم ، فكم نحن بأمس الحاجة لتحريك عجلة الإنتاج الحقيقي .. لا ضربها أو التخلي عنها، ولعل السؤال الأهم على لسان جميع الناس يومياً ماذا سنأكل ؟ وقبل السؤال فكروا جيداً .. من سيزرع ؟